محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة لقمان

صفحة 392 - الجزء 3

  {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} وأما إذا دعاك والداك إلى الشرك بالله تعالى أو السعي فيما يغضبه ويسخطه فلا تطعهما في ذلك.

  ومعنى «جاهداك»: أبلغا جهدهما في ردك إلى الشرك.

  {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}⁣(⁣١) وأما المعروف والإحسان إليهما فلا تقطعه عنهما ولو كانا كافرين.

  {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} يرشد الله سبحانه وتعالى عباده إلى كيفية التعامل مع الوالدين الكافرين، فأمر بمصاحبتهما بالمعروف وعدم الإساءة إليهما والحرص على إرضائهما، ولكن في غير ما يغضب الله تعالى أو يوجب سخطه، وأن لا يسير بسيرتهما، ودله على اتباع الصالحين المنيبين إلى الله⁣(⁣٢).

  {ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٥} بعد أن أرشد الله سبحانه وتعالى عباده إلى هذه التعاليم أخبرنا أنه مطلع على أعمال عباده، وسيجازي كل واحد على حسب ما عمل إن خيراً فخير وإن شراً فشر.


(١) سؤال: ما إعراب «معروفاً»؟

الجواب: صفة لمصدر محذوف أي: صحاباً معروفاً.

(٢) سؤال: إذا كان الأب يتألم من متابعة ولده للمحقين والمرشدين ويكون رضاه في تركهم، فكيف يعمل الولد؟

الجواب: لا يجوز للولد أن يطيع أباه أو أمه في فعل معصية الله أو في ترك ما أوجبه الله، فطاعة الله أولى من طاعتهما قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا}، فنهى الله تعالى الولد في هذه الآية عن طاعة والديه في معصية الشرك؛ فدل ذلك على أن طاعة الله أولى من طاعة الوالدين، وأن حقه أكبر وأعظم من حق الوالدين، فلا يجوز للولد أن يؤثر طاعتهما على طاعة الله، ولكن يجب على الولد أن يتلطف لهما ويواصل برهما والإحسان إليهما ويحاول إدخال السرور إليهما، ويظهر الشفقة عليهما والرحمة بهما و ... إلخ، ولو كانا كافرين؛ لقوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}.