محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة لقمان

صفحة 393 - الجزء 3

  {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ⁣(⁣١) فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ⁣(⁣٢) إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ١٦} ثم رجع الله تعالى إلى ذكر وصايا لقمان لابنه: فأوصى ابنه بأن يحذر الله تعالى ويتقي الوقوع فيما يغضبه أو يوجب سخطه، لأنه تعالى مطلع على جميع أعمال بني آدم ومحصٍ لها، ولن يضيع عنده شيء حتى وزن حبة الخردل، فالله تعالى عالم بها وبمكانها. واللطيف: هو العالم بما دق وخفي، فعلمه ينفذ ويتغلغل حتى في بواطن الأشياء قبل ظواهرها.

  {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ⁣(⁣٣) وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ⁣(⁣٤) عَلَى مَا


(١) سؤال: إلام يعود الضمير في «إنها»؟ وهل فيه قاعدة مطردة؟ وهل انتصب قوله: «مثقال» على الخبرية لكان فأين اسمها؟ وما السر في حذف نون «تكن»؟ وما المراد بحبة الخردل؟

الجواب: الضمير في «إنها» هو ضمير القصة، وقد خالفوا بضمير القصة والشأن سنة الضمائر فيعود على القصة التي بعده ولا يعود على شيء قبله كما هي القاعدة في الضمائر، ففي هذه الآية يكون الضمير لقوله: {إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ ...} الآية، واسم «تك» ضمير مستتر لدلالة السياق عليه {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ..} أي: الخطيئة، وحذفت نون «تكن» للتخفيف. و «حبة الخردل» يضرب بها المثل في الصغر والحقارة.

(٢) سؤال: ما المراد {يَأْتِ بِهَا اللَّهُ}؟ وهل المراد وزن حبة الخردل من الأعمال، أم وزنها من حقوق الناس وأملاكهم، أم الأمران جميعاً؟

الجواب: المراد بقوله: {يَأْتِ بِهَا اللَّهُ} يعرضها في صحف الأعمال ليحاسب العاملين عليها {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}⁣[الكهف]، والمراد وزن حبة الخردل من الأعمال السيئة ومن حقوق المخلوقين، والمراد تصوير السيئات التي ليس لها مقادير حسية وتشبيهها بالشيء المحسوس «حبة الخردل» التي هي مثل في الصغر والحقارة؛ لئلا يتساهلوا في شيء من معصية الله، ولو كانت بمنزلة حبة الخردل في الصغر.

(٣) سؤال: يقال: هل صلاتهم في ذلك الزمان أذكار وأركان كصلاتنا؛ أم كيف؟

الجواب: الصلاة هي في جميع الأديان بأذكار وأركان إلا أنها قد تختلف، فصلاة أمة موسى # ليس فيها ركوع، وفي صلاة أمة محمد ÷ ركوع.

(٤) سؤال: إذا قيل: أمره بالصبر على ما أصابه بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤخذ منه وجوبهما ولو أديا إلى تضرر فاعلهما بالتلف أو نحوه فلا صحة لما اشترطه بعض الأصوليين في =