سورة لقمان
  سيمتعهم في الدنيا مدة قصيرة، ثم يضطرهم إلى الخروج من الدنيا رغماً عن أنوفهم، وذلك إلى الحساب والجزاء الذي كذبوا به.
  {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} يخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ عن حال المشركين، بأنهم مقرون ومعترفون بخالق السماوات والأرض، ومع ذلك لا زالوا مصرين على كفرهم وشركهم(١).
  {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٢٥} ثم أمر الله تعالى نبيه ÷ بأن يحمد الله تعالى أنه قد بلغهم رسالة الله، وأكمل لهم الحجة حتى أصبحوا على بصيرة من أمرهم.
  {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ٢٦} السماوات والأرض وما فيهما لله تعالى، وهو تعالى غني عن كل ما خلق في السماوات والأرض، فليس بمحتاج إلى أن يتخذ منهم ولداً أو بنتاً أو شريكاً أو معيناً.
  {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا
(١) سؤال: هل يعم هذا الإقرار غير مشركي العرب من أهل الإلحاد وغيرهم؟
الجواب: هذا خاص بمشركي العرب الذين نزلت فيهم الآية، وليس فيها لفظ عموم، إلا أنه يلحق بهم من كان دينه مثل دينهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣].
سؤال: هل كان اعترافهم ناتجاً عن تبليغ النبي ÷ أم استجابة لدواعي الفطرة؟ وما السبب في الحكم عليهم آخر الآية بأنهم لا يعلمون وهم قد اعترفوا بأن الله خالق السموات والأرض؟
الجواب: هم معترفون بالله من قبل بعث النبي ÷ فقد كانوا يقولون: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك»، وحكى الله تعالى عنهم قولهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، ووصفهم الله تعالى بأنهم لا يعلمون؛ لأنهم لم يعملوا بعلمهم، والذي لم يعمل بعلمه جاهل، فالذي يعلم مثلاً أن هذا الشراب مسموم بسم قاتل ثم يشربه يقال له: جاهل، ويوصف بالجهل والحمق، ولا يكون ذلك إلا من ناقص العقل، أو من هو في حكم ناقص العقل؛ لأن العاقل يعمل بموجب علمه.