محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة لقمان

صفحة 399 - الجزء 3

  نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٢٧}⁣(⁣١) يخبر الله تعالى هنا عن سعة علمه ومدى إحاطته بكل شيء، فعبر عن ذلك بأن جميع أشجار الأرض لو كانت أقلاماً، وبحارَ الأرضِ - ومثلُها سبعُ مرات - تصير مداداً ثم يقوم الكُتَّاب يكتبون المعلومات التي يعلمها الله تعالى بتلك الأقلام وبذلك الحبر لنفد المداد والأقلام قبل أن يحصوا ما أحاط به علم الله⁣(⁣٢).


(١) سؤال: هل «ما» المتصلة بـ «أن» موصولة؛ فما قاعدة كتابتها هل الفصل عن «أن» أم الوصل مع التعليل؟ وما معنى «من» في قوله: «من شجرة»؟ وعلام رفع قوله «البحر» وظاهره العطف على اسم «أن»؟

الجواب: «ما» موصولة والقاعدة أن تفصل الموصولة عن «أن» لأنها كلمة مستقلة كالذي والتي فتفصل كأخواتها، وإنما وصلت في المصحف لأن الصحابة كتبوها موصولة فتبعهم المسلمون في ذلك وقالوا: كتابة المصحف سنة لا تغير ولو كانت على خلاف قاعدة الكتابة.

و «من» هي البيانية وهي ومجرورها في محل نصب حال من فاعل استقر المقدر، فقد بينت «من» ماهية الفاعل، ورفع البحر بالعطف على محل «إن» واسمها، فمحلهما الرفع.

(٢) سؤال: من فضلكم ما الوجه في كون كلمات الله هي معلوماته؟ وهل يصح حملها على شريعته وكتبه؟

الجواب: قد تمدح الله إلى عباده بسعة علمه: {وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا}⁣[الأعراف: ٨٩]، {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}⁣[غافر: ٧]، {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ}⁣[البقرة: ٢٥٥]، {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ١٢}⁣[الطلاق]، {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا ٢٨}⁣[الجن]، {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ٥٩}⁣[الأنعام]، ونحو هذا كثير في القرآن فيعلم سبحانه وتعالى ما قد كان وما هو كائن وما سيكون و ... ، وشرائع الله ودينه هي أحكام كلف الله تعالى بها عباده، فهي كلمات محدودة يمكن للمكلف العلم بها أو بأكثرها، أو بما يجب عليه منها، وقد كان رسول الله ÷ على علم بما أنزل الله إليه من الدين والشريعة.