سورة لقمان
  {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ٢٨}(١) ثم تحدث الله تعالى هنا عن مدى قدرته، فأخبر سبحانه وتعالى أنه لا يكبر عليه كبير، أو يثقله شيء من المقدورات، وأن جميع ما خلق من الأنفس في قدرته سبحانه كنفس واحدة، وكذلك إماتة جميع الأنفس كإماتة نفس واحدة، وأن الأمرين سيان بالنسبة لقدرة الله عليه.
  {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} ألم تنظر أيها السامع وتتفكر في مدى قدرة الله تعالى كيف يدخل الليل في النهار والعكس؛ وذلك أن ساعات الليل والنهار تتفاوت وتتداخل بعضها في بعض بحسب أوقات السنة، ففي بعضها يكون اليل والنهار مستويين، وفي بعضها يكون أحدهما أكثر من الآخر فتدخل بعض ساعات أحدهما في الآخر، وكل ذلك ليرينا من عجيب آياته الدالة على قدرته؛ لأن المرء إذا نظر في ذلك وتفكر علم أنه لا بد أن يكون هناك مدبر دبرها وحكيم أحكمها، ولا بد أن يكون قادراً على ذلك ومتمكناً فيه، وذلك هو الله جل وعلا.
  {وَسَخَّرَ(٢) الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ
(١) سؤال: ما فائدة تذييل الآية بقوله: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ٢٨}؟
الجواب: بعدما ذكر الله خلق الناس وبعثهم للحساب والجزاء قال: إن الله سميع بصير، أي: أنه يقال: يسمع قول كل قائل ويرى عمل كل عامل؛ ليتحفظوا عن قول ما لا يرضاه الله وعن فعل ما يسخط الله، ويجتنبوا معاصي الله، فمن علم وأيقن أن الله يراه ويسمعه تحذر أن يصدر منه ما لا يرضاه الله من قول أو عمل.
(٢) سؤال: ما الوجه في عطف الماضي على المضارع؟
الجواب: إيلاج الليل في النهار والعكس حادث متجدد كل يوم تقريباً، فلزم التعبير عنه بالمضارع الذي يفيد التجدد، وأمر الله الشمس والقمر بالسير يوم خلقهما إلى يوم القيامة فهما تسيران بذلك الأمر، وقد مضى الأمر لهما بالسير الدائم الذي هو التسخير.