سورة لقمان
  {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ٣١} ولكنه لن يعرف آياته الدالة على قدرته وعجيب صنعه وعلمه وأنه هو المنعم وحده إلا أولئك الذين صبروا على حمل دينهم وتأدية ما أمرهم به ربهم، وأما غير هؤلاء فلن يعتبروا بشيء من ذلك؛ لأن طبيعتهم الكفر والعناد والتمرد.
  {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ(١) دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن حال المشركين بأنهم إذا ساروا في البحر ثم غشيتهم الأمواج وأيقنوا بالهلاك فعند ذلك يحصل لهم اليقين بالله تعالى، ويعرفون أنه لن يخلصهم غيره فيلجئون إليه بالدعاء والتضرع ليكشف عنهم ما هم فيه، وينسون تلك الآلهة التي يعبدونها؛ لأنهم يعرفون أنها لن تجيبهم أو تسمعهم.
  {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} فما إن يستجيب الله سبحانه وتعالى لهم ويخرجهم إلى البر إذا هم يتراجعون عن الإيمان(٢) بالله والإخلاص له إلى الشرك وعبادة الأصنام والكفر بالله.
  {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ٣٢} ولكن طبيعتهم الخيانة والغدر وكفر نعم الله سبحانه وتعالى عليهم؛ لذلك جحدوا آيات الله وكفروا بها.
  والختّار: هو الغدَّار.
  {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ} يدعو الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الناس جميعاً إلى طاعته وإخلاص العبادة له، وأن يحذروا سخطه وغضبه بفعل ما يأمرهم
(١) سؤال: ما المراد بالظلل المشبه بها الأمواج؟
الجواب: المراد بالظلل ما يظل الإنسان من جبال أو سحاب.
(٢) سؤال: يقال: ظاهر قوله: «فمنهم مقتصد» التقسيم وإن لم يذكر القسم الآخر، فعلى هذا كيف نفهم أن الاقتصاد بمعنى التراجع عن الإيمان؟
الجواب: المراد بالاقتصاد التوسط إما في الكفر أو الإيمان، ولا ينبغي أن يراد به هنا التوسط في الإيمان؛ لأن السياق في ذمهم لا في مدحهم، وعلى هذا فيكون المراد توسطهم في الكفر.