محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة السجدة

صفحة 409 - الجزء 3

  فيه الروح فحصلت ودبت الحياة في أعضائه وبدأ يتحرك بقدرة الله تعالى.

  {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ٩}⁣(⁣١) يتمنن الله سبحانه وتعالى على جميع خلقه بأنه المنعم عليهم بنعمة السمع والبصر والعقول التي يتمكنون بها من النظر والتفكر وأداء ما يجب عليهم من شكر تلك النعم، ولكن أكثرهم كفر بما أنعم الله سبحانه وتعالى عليه، ولم يشكره على ذلك.

  {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} يستنكر المشركون على النبي ÷ كيف يصح أن يعودوا خلقاً جديداً بعد أن أصبحوا تراباً وتفتت عظامهم ونخرت؟ مستبعدين ذلك غاية الاستبعاد. ومعنى «ضللنا»: غبنا وضعنا.

  {بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ⁣(⁣٢) رَبِّهِمْ كَافِرُونَ ١٠} وسبب استنكارهم أنهم قد كفروا بالله سبحانه وتعالى وأنكروا البعث والحساب.

  {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ١١} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يخبر المشركين بأن الله سبحانه وتعالى قد وكل ملكاً⁣(⁣٣) من ملائكته يتولى قبض أرواحهم، ولا بد أن يبعثهم الله سبحانه وتعالى بعد موتهم للحساب والجزاء، ولن ينفعهم إنكارهم وتكذيبهم.


(١) سؤال: ما يكون محل الجملة المضارعية «تشكرون» بالنسبة لما قبلها إذا كان قوله: «قليلاً» وصفاً لمصدر محذوف؟

الجواب: جملة «تشكرون» مستأنفة لا محل لها من الإعراب، كأنها في جواب سؤال مقدر، أي: فكيف كان شكر بني آدم على ما أولاهم الله من تلك النعم؟ فقيل: {قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ٩}.

(٢) سؤال: ما السر في تقديم الجار والمجرور {بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ

الجواب: قدم الجار والمجرور لأنه الباعث على ذمهم، فلم يرد في هذه الجملة أن يذمهم على الكفر، وإنما أراد أن يذمهم على متعلق الكفر {بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ}.

(٣) سؤال: هل يستفاد من الآية أن ملك الموت واحد فقط؟ أم كيف؟

الجواب: نعم، يستفاد منها ذلك وهو أن ملك الموت واحد، ولا مانع من أن يجعل الله تعالى له أعواناً من الملائكة يأتمرون بأمره: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ}⁣[الفرقان: ٢٢].