محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأحزاب

صفحة 466 - الجزء 3

  لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ٦٠}⁣(⁣١) هذا تهديد من الله سبحانه وتعالى لأولئك المنافقين وغيرهم من الذين يبثون الرعب وينشرون الخوف والقلق عند حصول الحرب في قلوب الناس وبين أوساطهم؛ لأن ذلك يؤدي إلى تثبيط المقاتلين وتشتيت عزائمهم وتخذيلهم عن النبي ÷، وكذلك كل من يلحق الأذى بالنبي ÷ والمسلمين بأنهم إن لم ينتهوا عن ذلك ليسلطن الله عليهم النبي ÷ والمسلمين فيبيح لهم قتلهم وطردهم من المدينة.

  {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ٦١}⁣(⁣٢) وأن لعنة الله سبحانه وتعالى ستطاردهم أينما حلوا، وسيسلط الله سبحانه وتعالى أهل كل بلد ينزلون فيه عليهم فلا يتركونهم يستقرون أبداً. ومعنى «ثقفوا»: وجدوا وأدركوا.

  {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن هذه سنته في كل من يلحق الأذى بأنبيائه وبالمؤمنين في كل زمان، وذلك أنه يسلط عليهم


= بصورة توهم هزيمة المسلمين، وأنه لم يبق إلا الاستسلام للعدو فيلحق بالإرجاف، أما نقل الخبر الصادق كما هو فليس من الإرجاف فقد قام رسول الله ÷ على المنبر فأعلن للمسلمين عن قتل جعفر ثم أعلن عن قتل زيد بن حارثة ثم أخبر المسلمين بقتل عبدالله بن رواحة، فلم يكن ذلك إرجافاً.

(١) سؤال: ما إعراب «قليلاً»؟ وما السر في استثنائها؟

الجواب: تعرب صفة لزمن محذوف أي: أن قليلاً قائم مقام ظرف الزمان وكان الأصل: إلا زمناً قليلاً، وقد تكون صفة لمصدر محذوف فتكون مفعولاً مطلقاً، أي: إلا جواراً قليلاً. والسر في الاستثناء - والله أعلم - هو ما جرت عليه سنة الله من الحكم والتأني بالعصاة، فلا يؤاخذهم إلا بعد الحلم الطويل عنهم.

(٢) سؤال: هل قوله: «أينما» معمول لـ «ملعونين» أم لـ «أخذوا»؟

الجواب: «أينما» اسم شرط جازم في محل نصب على الظرفية المكانية وهو معمول لجوابه «أخذوا»، و «ملعونين» من متعلقات لا يجاورونك؛ إذ هو حال من فاعله دخل الاستثناء على الظرف «قليلاً» وعلى الحال معاً، أفاد ذلك الزمخشري، ولا يتعلق بأخذوا؛ لأنه لا يعمل ما بعد أداة الشرط فيما قبلها.