سورة سبأ
  للمشركين بأن الله سبحانه وتعالى محص لجميع أعمالهم، وأنه سيبعثهم وسيجازيهم على جميع أعمالهم صغيرها وكبيرها.
  {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٤} يخبرهم الله أن الساعة سوف تأتي لغرض عظيم وهو أن يجازي أولئك الذين آمنوا بالله سبحانه وتعالى وعملوا الأعمال الصالحة على أعمالهم، بالمغفرة والرزق الكريم في جنات النعيم وليعذب(١) المشركين والمكذبين على أعمالهم، وهذه هي الحكمة من البعث والحساب، وإلا لوصف الله تعالى بالظلم والعبث لو لم يبعث المكلفين للجزاء والحساب.
  {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ٥}(٢) وليجزي أولئك الذين جدوا واجتهدوا في محاربة أنبيائه ورسله وسعوا في إفساد آياته وحججه، ظناً منهم أنهم سيغلبون الله تعالى بفعلهم ذلك بأشد العذاب وأسوئه.
  {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ
(١) سؤال: من أين نفهم هذا؟ أمِنَ السياق وذكره للذين آمنوا وعملوا الصالحات؟ أم من غيره فوضحوه لنا سلام الله عليكم ورحمته وبركاته؟
الجواب: قوله: «ليجزي» علة لقوله: «بلى وربي لتأتينكم» وجزاء المشركين من الآية التالية لهذه الآية.
(٢) سؤال: هل قوله: {وَالَّذِينَ سَعَوْا} معطوف على قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؟ أم أنه ابتداء كلام جديد؟ وما إعراب «أليم» حال رفعه وجره؟
الجواب: يصح أن يكون معطوفاً على المعنى - أي: على ما يقال له في النحو: التوهم - كأنه قيل: فالذين آمنوا ... ، كما في آية الحج: {فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٥٠ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ٥١}، ويصح أن يكون مستأنفاً لبيان حال الكافرين الذين سعوا في آيات الله. «أليم» إن جر فهو صفة لـ «رجز»، وإن رفع فهو صفة لـ «عذاب».