محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة سبأ

صفحة 474 - الجزء 3

  للمشركين بأن الله سبحانه وتعالى محص لجميع أعمالهم، وأنه سيبعثهم وسيجازيهم على جميع أعمالهم صغيرها وكبيرها.

  {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٤} يخبرهم الله أن الساعة سوف تأتي لغرض عظيم وهو أن يجازي أولئك الذين آمنوا بالله سبحانه وتعالى وعملوا الأعمال الصالحة على أعمالهم، بالمغفرة والرزق الكريم في جنات النعيم وليعذب⁣(⁣١) المشركين والمكذبين على أعمالهم، وهذه هي الحكمة من البعث والحساب، وإلا لوصف الله تعالى بالظلم والعبث لو لم يبعث المكلفين للجزاء والحساب.

  {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ٥}⁣(⁣٢) وليجزي أولئك الذين جدوا واجتهدوا في محاربة أنبيائه ورسله وسعوا في إفساد آياته وحججه، ظناً منهم أنهم سيغلبون الله تعالى بفعلهم ذلك بأشد العذاب وأسوئه.

  {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ


(١) سؤال: من أين نفهم هذا؟ أمِنَ السياق وذكره للذين آمنوا وعملوا الصالحات؟ أم من غيره فوضحوه لنا سلام الله عليكم ورحمته وبركاته؟

الجواب: قوله: «ليجزي» علة لقوله: «بلى وربي لتأتينكم» وجزاء المشركين من الآية التالية لهذه الآية.

(٢) سؤال: هل قوله: {وَالَّذِينَ سَعَوْا} معطوف على قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؟ أم أنه ابتداء كلام جديد؟ وما إعراب «أليم» حال رفعه وجره؟

الجواب: يصح أن يكون معطوفاً على المعنى - أي: على ما يقال له في النحو: التوهم - كأنه قيل: فالذين آمنوا ... ، كما في آية الحج: {فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٥٠ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ٥١}، ويصح أن يكون مستأنفاً لبيان حال الكافرين الذين سعوا في آيات الله. «أليم» إن جر فهو صفة لـ «رجز»، وإن رفع فهو صفة لـ «عذاب».