محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة سبأ

صفحة 477 - الجزء 3

  نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ٩} ثم استنكر الله سبحانه وتعالى عليهم استبعادهم لقدرته تعالى على إحيائهم وبعثهم بعد موتهم، فلماذا لا ينظرون إلى ما بين أيديهم من آيات السماء والأرض التي يرونها ويشاهدونها أمام أعينهم ناطقة بقدرة الله تعالى على ذلك.

  وأنه كما خلق هذه الأشياء التي يرونها من العدم وأوجدها بعد أن لم تكن - سيقدر حتماً على إعادة خلقهم مرة أخرى، وأنهم لو نظروا في ذلك وتفكروا لعرفوا صحة ذلك، وأنه ليس ببعيد على قدرة الله سبحانه وتعالى.

  والمراد بـ «ما بين أيديهم وما خلفهم»: أن السماء والأرض محيطتان بهم من أمامهم ومن خلفهم وأينما كانوا وأن آياتها مشاهدة لهم بدون تكلف.

  ثم ذكر سبحانه صوراً من مظاهر قدرته التي تبهر العقول فأخبر بأنه لو شاء أن يخسف بهم الأرض ويغيبهم فيها لفعل كما فعل بقارون ولو أراد لأسقط عليهم قطع العذاب من السماء كما فعل بأهل مدين لما أخذهم عذاب يوم الظلة.

  ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لن ينتفع بآياته هذه إلا المؤمنون المتواضعون لقبول الحق، وأما أولئك المشركون فقد ملئت قلوبهم كبراً ولن يؤمنوا ويصدقوا بالبعث والحساب أبداً مهما جاءهم من الآيات.

  {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ}⁣(⁣١) ثم قص الله سبحانه وتعالى على نبيه ÷ بعض أخبار نبيه داوود # فأخبره أنه قد أنعم عليه بنعم كثيرة عظيمة، وأنه قد جعل الجبال والطير تردد معه تسبيح الله سبحانه


(١) سؤال: هل قوله: «يا جبال» معمول لمحذوف فما تقديره؟ أم لا فما إعرابه؟ وما الوجه في ضم «جبال» مع أنه نكرة غير مقصودة على الظاهر؟ وعلام انتصب قوله: «والطير»؟

الجواب: «يا جبال» جبال: مفعول به لفعل محذوف نائب عنه «يا»، وبني على الضم لكونه نكرة مقصودة؛ إذ ليس من المفروض أن يأمر الله جبالاً غير معروفة بالتسبيح. «والطير» يجوز أن يكون مفعولاً معه أو معطوفاً على «فضلاً»، أو منصوباً بتقدير فعل محذوف: سخرنا الطير، أو نحوه.