سورة سبأ
  وتعالى وتحميده، آية منه اختص بها نبيه داوود # وميزة فضَّله بها على سائر الأنبياء $.
  {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ١٠ أَنِ اعْمَلْ(١) سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} وكذلك أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بأن علمه كيف يصوغ الحديد ويلينه(٢)، وقد علمه كيفية صنع الدروع السابغة الكاملة التي تلبس في الحرب لتحمي من ضرب السيوف وطعن الرماح، فكان يعملها على شكل حلقات صغيرة ويربط بعضها في بعض حتى تصير على شكل لباس، وكان داوود هو أول من صنع الدروع.
  ومعنى «قدر في السرد» أي: اجعل السرد على قدر صغير بحيث لا تدخل الرماح ونحوها من آلات الحرب. والسرد: الْحِلَق المستطيلة المسرودة المتصل بعضها ببعض.
  {وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ١١}(٣) ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه داوود وأهل بيته أن يشكروه على هذه النعم التي اختصهم بها، وأن يعملوا
(١) سؤال: ما معنى «أن» في قوله: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}؟ وما السر في حذف الموصوف «دروعاً»؟
الجواب: «أن» مفسرة لفعل محذوف فيه معنى القول مثل «أمرنا»، ويجوز أن تكون مصدرية مجرورة بلام مقدرة متعلقة بـ «ألنَّا».
(٢) سؤال: هل علمه الله تليينه أم جعله له ليناً؟
الجواب: الأولى أن الله علمه كيفية تليينه ولا زال معمولاً بذلك العلم حتى اليوم.
(٣) سؤال: ما مناسبة تذييل الآية بقوله: {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ١١}؟ وهل يصح أن يحمل الخطاب في: {وَاعْمَلُوا صَالِحًا} على أمة النبي ÷؟
الجواب: قد يكون التذييل ليأخذ آل داود حذرهم من التفريط في شكر الله تعالى والخطاب هو لآل داود عموماً. ومن البعيد أن يراد بقوله: «واعملوا صالحاً» أمة محمد ÷؛ لأن السياق في ذكر آل داود #، ولاختلال ترابط الآية بعضها ببعض لو جعلناه لأمة محمد ÷.