محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة سبأ

صفحة 492 - الجزء 3

  لهواها وشهواتها⁣(⁣١).

  {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ⁣(⁣٢) بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا} فيرد⁣(⁣٣) عليهم أتباعهم بأنهم هم الذين تسببوا في ضلالهم وكفرهم بما مكروا بهم من إعمال الحيل فيهم ليل نهار حتى استطاعوا أن يتمكنوا من إغوائهم وإضلالهم.

  {وَأَسَرُّوا⁣(⁣٤) النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ


(١) سؤال: كيف ساغ للرؤساء أن ينفوا عن أنفسهم إغواء التابعين وهم قد أغووهم في الواقع؟

الجواب: ساغ لهم ذلك من حيث أن التابعين كان هواهم في الغواية وميولهم إليها والذي فعله الرؤساء هو الدعوة لهم إلى طريق الغواية وتزيينها لهم فاستجابوا لهم، {إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}⁣[إبراهيم: ٢٢]، فالأتباع كانوا في أنفسهم مجرمين كما حكى الله تعالى هنا من مراجعة بعضهم لبعض.

(٢) سؤال: ما الوجه في إسناد المكر إلى الليل والنهار؟ وما إعراب «مكر الليل»؟ وما محل المصدر: «أن نكفر» من الإعراب؟

الجواب: يسمى هذا الإسناد بالإسناد المجازي أو المجاز العقلي، وقد أسند هنا المكر إلى الليل والنهار لوقوعه فيه، وصح ذلك للقرينة العقلية، وقوله: «مكر الليل» مبتدأ وخبره محذوف تقديره: «صدنا»، أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: سبب كفرنا مكر الليل، و «أن نكفر» في تأويل مصدر مجرور بباء الجر المحذوفة.

(٣) سؤال: هل ستحصل هذه المراجعة بين الأتباع والمتبوعين من أهل الضلال ولو كانوا من أهل القبلة؟

الجواب: الذي يظهر أنها تحصل المراجعة بين الأتباع والمتبوعين من أهل الضلال عموماً؛ إذ لا وجه لتخصيص البعض دون البعض؛ لأن العلة هو إظهار بطلان معاذيرهم وزيادة حسرتهم وغمهم وإظهار عدل الله تعالى في حكمه الحق يومئذ، وأهل الضلال في هذا شرع واحد.

(٤) سؤال: إلامَ يرجع الضمير في {وَأَسَرُّوا} إلى الأتباع أم إلى المتبوعين أم إليهم جميعاً؟

الجواب: يعود إليهم جميعاً؛ لأن كلاً منهم سيندم على ما قدم من الأعمال الموجبة للنار.