سورة سبأ
  كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٣٣}(١) فأخبر الله سبحانه وتعالى عنهم بأنهم في الأخير سيسكتون ويستسلمون، والندم والحسرة تملآن قلوبهم، لم يبق إلا أن تسوقهم ملائكة العذاب على وجوههم إلى جهنم وبئس المصير.
  ثم أخبر الله تعالى أن تعذيبهم لم يكن ظلماً منه لهم، بل إنه من تمام العدل والحكمة، وأنه الجزاء العادل الذي يستحقونه بسبب أعمالهم.
  {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ٣٤} والله سبحانه وتعالى لم يرسل نبياً إلى أمته إلا ويقفون في وجه دعوته، والذين يقفون في وجوه أنبيائهم هم أهل الشرف والرياسة والوجاهة وأصحاب الأموال والثروات، فهم أول من يتلقاهم بالتكذيب والرد.
  {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ٣٥} كان هذا جوابهم جميعاً على أنبيائهم، والجدال الذي يجادلون به أنبياءهم، فيزعمون أن الله سبحانه وتعالى لم ينعم عليهم بهذه النعم إلا لأنهم يستحقون ذلك، ولأنهم أهل الله، ومهما وقد أعطاهم الله في الدنيا فلا بد أن يعطيهم في الآخرة، وأنهم أكرم على الله سبحانه وتعالى من هؤلاء الفقراء الذين يدعون الرسالة.
  {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن يجيب على المشركين إن هم جادلوه بهذا الجواب، فيخبرهم بأن الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى وحده، وأنه يبسط رزقه على من يشاء من عباده ويضيقه على من يشاء منهم، على ما تقضي به الحكمة.
(١) سؤال: فضلاً ما إعراب: «لما رأوا»؟ وما معنى «هل» في قوله: {هَلْ يُجْزَوْنَ}؟ وما وجه فصلها عن سابقتها؟ وما موضع المستثنى في قوله: {إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا}؟
الجواب: «لما» ظرفية مضمنة معنى الشرط، «رأوا» جملة الشرط في محل جر بإضافة لما إليها، ومعنى «هل» هنا النفي أي: لا يجزون. وفصلت لأنها مستأنفة لتأكيد ما قبلها، وجملة: {قَالَ مُتْرَفُوهَا} في محل نصب حال من «قرية».