سورة سبأ
  {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ٣٦} وحكمة الله تعالى هي التي اقتضت ذلك ولن تستقيم الدنيا إلا بذلك، غير أن أكثر الناس غافل عن تلك الحكمة لبعدهم عن الله سبحانه وتعالى وعن شرائعه.
  {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى}(١) أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يخبر المشركين بأن كثرة الأموال والأولاد ليست هي التي تقرب الناس إلى الله سبحانه وتعالى، وليست ميزان التقوى، وإنما الأعمال الصالحة والتقوى هي التي تقرب العبد إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا هو الذي أراد الله سبحانه وتعالى بقوله:
  {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ٣٧} فسيجازيهم الله سبحانه وتعالى على أعمالهم الصالحة، وعلى ما صبروا في سبيل دينهم، وبما حرصوا من إرضاء ربهم أضعافاً مضاعفة.
  و «الغرفات»: هي المنازل الرفيعة في الجنة.
  {وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ٣٨} وأما الذين يسعون جهدهم في إبطال آيات الله تعالى، ومحو حججه وبيناته، ويقفون في وجه الدعوة إليه فإن جزاءهم جهنم خالدين فيها أبداً، وسوف تحضرهم الزبانية إليها.
  {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ}(٢) ثم أمر الله تعالى
(١) سؤال: ما إعراب «زلفى»؟ وكذا: «بالتي تقربكم»؟ وما نوع اسمية «زلفى»؟ وهل الاستثناء منقطع أم متصل في قوله: «إلا من آمن»؟
الجواب: «زلفى» مصدر مؤكد لـ «تقربكم» من نوعه، أي: تقربكم قربة، والاستثناء منقطع كما يظهر. «بالتي»: خبر «ما» مجرور لفظاً منصوب محلاً.
(٢) سؤال: ما فائدة التكرير لهذه الآية: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ ...}؟
الجواب: ذكرت هذه الآية أولاً ليرد على المشركين حين اعتقدوا أن كثرة المال والولد دليل على رضوان الله عليهم؛ إذ لو لم يكن راضياً عنهم لما أوسع عليهم بالمال والبنين. وكررت ثانياً للمؤمنين =