محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة فاطر

صفحة 506 - الجزء 3

  {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ٦} وأيضاً فهو لا يدعوكم إلا إلى ما فيه هلاككم وضياعكم، وإلى ما يتسبب في استحقاقكم العذاب في نار جهنم فاحذروه.

  {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} تهديد من الله تعالى لمن كفر به، وصد عن دعوة أنبيائه وكذب بهم - بأنه سيجازيهم بالعذاب الشديد في نار جهنم.

  {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ٧} وهذا تبشير من الله سبحانه وتعالى لمن آمن به وعمل الأعمال الصالحة بأنه سيغفر لهم ذنوبهم، وسيثيبهم بأجزل الثواب وأحسنه في جنات النعيم.

  {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَأَهُ حَسَنًا}⁣(⁣١) فهل يستوي ذلك الذي يفعل المعاصي من الشرك والزنا ونحو ذلك، ويظن أنه بذلك في خير العمل، هو وذلك الذي آمن بالله سبحانه وتعالى وصدق بما جاءت به أنبياؤه ورسله⁣(⁣٢)؟


(١) سؤال: ما النكتة في إبهام فاعل التزيين في هذه الآية؟ وهل يستفاد من الآية هذه أن صاحب العقيدة الباطلة قد يهلك ولو كان قاطعاً بعقيدته ظاناً أنها الحق؟

الجواب: أبهم الفاعل هنا لأنه لا يتعلق بذكره غرض؛ إذ الغرض هنا هو إنكار المساواة ونفيها بين المجرم والمؤمن بغض النظر عمن هو الذي أدخل المجرم في الإجرام أو تسبب في دخوله فيه. ويؤخذ من الآية: أن من اعتقد الدين الباطل فهو من الهالكين ولو قوي اعتقاده أنه على الحق، إلا أن الذي أراه وأعتقده أن نفوس المبطلين لا تطمئن ولا تسكن إلى ما يدينون به من الدين الباطل، ولا إلى ما يذهبون إليه من المذاهب الباطلة.

(٢) سؤال: هل تريدون أن الخبر محذوف؛ فما الذي دل عليه؟ وأين مبتدأه؟

الجواب: «من» في قوله: {أَفَمَنْ زُيِّنَ ..} مبتدأ وخبره محذوف أي: كالذين آمنوا ... والذي دل عليه هو السياق، فإن هذه الآية جاءت بعد قوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ...} يخاطب الله بها المشركين الذين أنكروا البعث والجزاء، ثم ساق فذكر أن جزاء الكافرين العذاب الشديد وجزاء المؤمنين المغفرة والرزق الكريم. ولما كان إنكار المشركين للبعث والجزاء يستلزم أن يكون المؤمن الذي يعمل الصالحات والمجرم الذي يرتكب الموبقات مستويان عند الله - أنكر الله تعالى عليهم ذلك الاعتقاد الذي يتساوى فيه المجرم والمؤمن، فقال: {أَفَمَنْ زُيِّنَ}، وقد استنكر الله تعالى على =