محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة فاطر

صفحة 507 - الجزء 3

  أراد الله سبحانه وتعالى أنهما لا يستويان حتماً، وأن كل عاقل سيحكم عليهما بذلك، وبما يستحقه كل واحد منهما.

  {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يحكم بين عباده المختلفين فالضال هو من حكم الله بضلاله، والمهتدي هو من حكم بهداه، أما أنتم أيها الناس فليس من حكمتم بضلاله يكون ضالاً وليس من حكمتم بهداه يكون مهتدياً⁣(⁣١).

  {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}⁣(⁣٢) فلا تحزن يا محمد عندما رفضوا اتباعك والإيمان بك والتصديق بدعوتك حتى تهلك نفسك بذلك.

  {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ٨} أراد الله سبحانه وتعالى أنه سيجازيهم على أعمالهم التي عملوها وصنعوها.

  {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} هو تعالى وحده الذي يقدر على إرسال الرياح التي تجمع البخار الذي يتصاعد من البحار وتكثفه حتى يجتمع على شكل سحاب يحمل الماء، ثم تسوقه تلك الرياح وتسيره ليصب حيث أراد الله سبحانه وتعالى من البلاد التي


= المشركين ذلك في عدة آيات فذكر الطريقين فقال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ٣٥ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٦}⁣[القلم]، {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ١٨}⁣[السجدة]، {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}⁣[الحشر: ٢٠].

(١) سؤال: فضلاً هل من قرينة على تأويلكم هذا في الضلال والهدى؟

الجواب: الدليل هو قوله في آخر الآية: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} أي: ليس إليك يا محمد ولا إليكم أيها الناس إدخال الناس في الهدى أو الحكم بهدايتهم إنما ذلك إلى الله، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ٨} دليل أيضاً على أن حكم الله تعالى بالضلال والهدى صادر عن علم بالأسباب التي اقتضت الحكم من الله على الضالين بالضلال.

(٢) سؤال: ما إعراب «حسرات»؟

الجواب: أحسن ما قيل فيها: إنها حال، ونسب إلى الزمخشري، وقيل بأنها تمييز، ونسب إلى المبرد، والله أعلم.