سورة فاطر
  {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ(١) مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ١١} وأيضاً يطلعهم الله سبحانه وتعالى على مدى علمه وإحاطته بكل شيء، وأن علمه محيط بكل ما في السماوات وما في الأرض من غير مشقة أو تعب أو بحث في تعلمه، فلا تحمل أيُّ أنثى ولا تضع حملها إلا وهو يعلم ذلك وزمانه بالدقة، وكذا يعلم أعمار طوال الأعمار ومن كان قصير العمر، فكلها بعلمه سبحانه وتعالى.
  {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ(٢) أُجَاجٌ} ومن آثار قدرته أيضاً - التي تبعث على الحيرة والدهشة والقطع بأن ذلك لا بد أن يكون بقدرة قادر لا تتناهى قدرته، وتدبير حكيم عليم دبره - ما أظهره تعالى من آيات قدرته في البحرين: أحدهما عذب بالغ العذوبة سائغ شرابه والبحر الآخر ملح شديد الملوحة فإن في ذلك آية عظيمة لمن نظر وتفكر.
  {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}(٣) ثم جعل
(١) سؤال: هل يصح أن تحمل هذه الآية على نقصان عمر الجنين نحو قوله: {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ}[الرعد: ٨]، أم لا؟ وعلام تدل إن كانت دالة على نقصان عمر الإنسان المكتوب له؟
الجواب: الذي يظهر لي - والله أعلم - أن المراد في هذه الآية أن الله تعالى عالم بعمر كل إنسان من طال عمره ومن كان عمره ناقصاً بالنسبة لطويل العمر و ... و ... إلخ، وليس المراد ما سألتم عنه.
(٢) سؤال: ما نوع اسمية «ملح»؟ وهل من حقها أن تكون «مَلِح» بكسر اللام لتكون على صيغة «فَعِل»؟ أم لا؟
الجواب: الملح اسم وليس بصفة فلا تكسر لامه.
(٣) سؤال: يقال: الحلي من اللؤلؤ والمرجان لا يستخرج إلا من المالح، فكيف أخبر الله تعالى أنهما يستخرجان من العذب والمالح على ظاهر الآية؟
الجواب: قد يقال: لما اجتمع البحران صح أن يقال: منهما، ومثله قوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}[الأنعام: ١٣٠]، والرسل من الإنس لا من الجن، ويمكن أن يقال: إن =