محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة فاطر

صفحة 513 - الجزء 3

  بأنه قد جاءه بالنبأ الحق والصدق.

  {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ١٥} ينبه الله سبحانه وتعالى عباده على غناه وسعة ملكه، وإلى حاجة الخلق إليه أشد الحاجة في جميع أمورهم، وافتقارهم إليه وإلى ما عنده، ويخبرهم أنه غير محتاج لهم ولا إلى طاعتهم. ومعنى الحميد هنا: المنعم على المخلوقات حتى استحق الحمد وكان أهلاً للحمد والثناء.

  {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ١٦ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ١٧} وهو قادر على أن يزيلكم ويستأصلكم، ويأتي بقوم آخرين يحلون مكانكم، فلن تستطيعوا أن تمتنعوا منه إن أراد بكم ذلك، فاحذروا غضبه وتجنبوا ما يسخطه فإذهابكم واستئصالكم ليس بممتنع عليه.

  {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣(⁣١) فليحذر كل امرئ أن يعصي الله تعالى ويفعل ما يغضبه، فكل امرئ سيحمل وزره على ظهره، ولن يتحمل أحد ذنب أحد.

  {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} وإذا كانت هناك نفس قد أثقلتها الذنوب والأوزار فلن يستطيع أحد أن يخفف عنها ثقلها ذلك أو يحمل عنها شيئاً من وزرها، ولو كان أقرب أقربائها.


=

الجواب: التحليل: ولا يخبرك بالأمر مخبر مثل خبيرٍ به، والخبير بالأمور هو الله تعالى. والتركيب حقيقي ليس فيه مجاز ولا كناية، والمعنى: أنه لا يوجد مخبر مماثل لله تعالى يخبر بالحق والصدق، وليس ذلك مثلاً إلا أنهم أجروا ذلك مجرى المثل لما فيه من الإيجاز والبلاغة ونظير ذلك مما أجري مجرى المثل في القرآن كثير، نحو: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}⁣[فاطر: ٤٣]، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢}⁣[الطلاق]، {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}⁣[النحل: ٥٣]، {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ٢٧٩}⁣[البقرة]، ونحو ذلك من العبارات القصيرة الدالة على معان جليلة.

(١) سؤال: الوازرة هي النفس المعاقبة فمم أخذ ذلك؟ وما ماضي الفعل «تزر»؟

الجواب: أخذ من مصدر «وَزَرَ يَزِرُ».