محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة فاطر

صفحة 515 - الجزء 3

  تعالى حال المؤمن والكافر بهذه الأشياء، ووجه الشبه هو التفاوت الكبير الذي بين هذين الشيئين، وما هو عليه أحدهما من الارتفاع والآخر من الانحطاط، فشبه الله المؤمن بالنور والظل⁣(⁣١)، والكافر بالظلمات وحرارة الشمس في القيظ.

  {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} شبه الله سبحانه وتعالى الكافر بالميت، فكيف تستطيع أن تسمعه أو تفهمه؟ وشبه المؤمن بالحي السوي.

  {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ٢٢} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه سيهدي إلى دعوة نبيه ÷ أولئك الذين تواضعوا لقبول الحق واستجابوا له⁣(⁣٢)؛ لأنهم هم الذين سيسمعون آياته وسيهتدون بها، وأما أولئك المشركون فهم كالأموات فكيف تستطيع أن تسمع الميت؟

  {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ ٢٣} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن الذي يلزمه هو الإنذار فقط، سواء قبلوا أم لم يقبلوا، فقد خلق الله سبحانه وتعالى لهم العقول وجعل لهم القدرة على التمييز والاختيار، فليختاروا ما أرادوا من الهدى والضلال، وأنه غير لازم عليه أن يدخلوا في الهدى.

  {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} أرسل الله تعالى نبيه ÷ بالقرآن


= السموم، وما ذكرتم من أن الحرور بالليل والسموم بالنهار هو قول معروف، وقد صدر البيضاوي التفسير بما ذكرناه ثم قال: وقيل: إن الحرور بالليل ... إلخ.

(١) سؤال: ما السر والعلة في الابتداء بالظل الذي هو شبه المؤمن رغم ابتداء الآيتين السابقتين بوصف الكافر؟

الجواب: ابتدأ بذكر الكافر أولاً في الآيتين السابقتين، ثم ابتدأ بذكر وصف المؤمن في جملتين، أي: أن هناك تعادل في ذلك، وسر ذلك هو تقرير وتأكيد نفي المساواة، أي: لا يستوي الكافر والمؤمن، ولا يستوي المؤمن والكافر.

(٢) سؤال: من فضلكم ما الوجه في هذا القيد مع أن الآية مطلقة؟

الجواب: قد تقدم ما يدل على التقييد في قوله تعالى: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}.