محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة فاطر

صفحة 516 - الجزء 3

  الذي جعل فيه هداهم، وما يدلهم على طريق الحق والصواب، وأيضاً أرسل الله تعالى نبيه ÷ ليبشر المؤمنين بما أعد لهم من الثواب والجزاء، وينذر العصاة والمشركين بما أعد لهم من العذاب.

  {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ٢٤}⁣(⁣١) اقتضت الحكمة والعدل أن لا يعذب الله تعالى أمة من الأمم إلا بعد أن يعذرهم وينذرهم ويرسل إليهم رسله ينذرونهم ويحذرونهم، ويبلغون إليهم حججه وآياته. ومعنى «خلا»: مضى.

  {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ٢٥} وقومك يا محمد إن هم كذبوك فاعلم أن كل تلك الأمم السابقة قد أرسلنا إليهم الرسل وأيدناهم بالآيات والحجج الواضحة، وأنزلنا عليهم الكتب⁣(⁣٢) التي فيها هدايتهم وطريق نجاتهم، ولكنهم كذبوا بأنبيائهم، وبما جاءوهم به من الشرائع والآيات وتمردوا عليهم وكفروا بهم.

  {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ٢٦} وعندما أصروا على كفرهم وتكذيبهم أخذهم الله سبحانه وتعالى بعذابه الذي أبادهم واستأصلهم، ولم يبق على أحد منهم.

  والاستفهام هنا بقوله: «فكيف» لتفخيم شأن عذابه الذي أخذهم به.


(١) سؤال: ما إعراب: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا}؟ وكيف يتم الجمع بين هذه الآية والآيات المتقدمة التي نبهنا عليها أمثال: {مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ}⁣[القصص: ٤٦]؟

الجواب: «إن» نافية، و «من» صلة. «أمة» مبتدأ مجرور لفظاً مرفوع محلاً، والذي سوغ الابتداء بها هو النفي والعموم. «إلا» أداة استثناء مفرغ، والجملة التي بعدها في محل رفع خبر. وأما الشطر الثاني فقد تقدم الجواب عليه في سورة القصص آية (٤٦).

(٢) سؤال: هل المراد بالزبر الكتب المنزلة والصحف؟ فما السر في الإتيان بقوله: {وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ٢٥} بعد ذلك، وظاهر الكتاب الجنس؟

الجواب: «الكتاب المنير» التوراة، وخص بالذكر لبيان فضله.