سورة فاطر
  عليه وعلى قدرته تلك الطرق التي جعلها لعباده في الجبال، نعمة منه تعالى أنعم بها عليهم، وفيها لهم آية حيث خالف تعالى بين ألوان الطرق التي في الجبال.
  {وَغَرَابِيبُ سُودٌ ٢٧}(١) أراد الله سبحانه وتعالى بذلك الجبال الحالكة في السواد، فهناك الجبال البيض والحمر والسود آية من آياته الدالة على قدرته وعلمه وعلى عجيب صنعته واقتداره.
  {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ} وأيضاً من آياته الدالة عليه وعلى قدرته ما جعل من المخالفة بين الناس في الشكل واللون والخلقة، وكذلك المخالفة التي جعلها بين بقية الكائنات، مما يدل على أنه لا بد أن يكون هناك مخالف خالف بينها، ومقتدر اقتدر عليها، ومدبر دبرها وأحكمها.
  {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ثم حصر الله تعالى خشيته في أهل معرفته وهم العلماء أهل العقول التي لم تغطها ظلمات الجهل والضلال فهم وحدهم الذين يخشون الله ويعظمونه(٢).
= يكون معناها: جبال ذات طرائق بيض وحمر؟ أم أنها في الطرق خاصة؟
الجواب: أصل الكلام: ومن الجبال جبال ذات جُدَد، والجدد جمع جُدَّة وهي طريق في الجبل أو غيره يخالف لونها لون الجبل. اهـ (مختار الصحاح). ويقال للخطة التي على ظهر الحمار أو غيره: جُدَّة، سواء أكانت سوداء أم غير سوداء، وقد فسرنا في الكتاب ذلك تفسيراً مجملاً يؤول إلى هذا المعنى التفصيلي.
(١) سؤال: هل عطف قوله: «غرابيب» على قوله: «بيض»؟ أم على قوله: «جدد»؟
الجواب: عطف «غرابيب» على قوله: «بيض» وليس على «جدد».
(٢) سؤال: يقال: فكيف بالجاهل ونجاته مع هذه الآية وأمثالها، وقوله في الجنة والثواب: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ٨}[البينة]؟
الجواب: المراد بالعلماء هنا من استحكمت معرفة الله في قلبه ولو كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، وطريق معرفة الله تعالى ميسرة لأهل العقول، وآيات عظمته ورحمته مبثوثة في جميع الآفاق وفي =