محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة فاطر

صفحة 519 - الجزء 3

  {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ٢٨} والعزيز هو القوي الغالب، والغفور هو الذي يتأنى بعباده ولا يعجل بمؤاخذتهم والانتقام منهم لعلهم يتوبون ويرجعون إليه.

  {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً⁣(⁣١) يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ٢٩} فأهل هذه الصفات الذين يمتثلون لما أمرهم الله تعالى ويطبقون ما أنزله في كتابه، والمحافظون على أداء ما افترض عليهم من الصلاة والزكاة، فهؤلاء هم أهل الرجاء لما عند الله سبحانه وتعالى من الثواب⁣(⁣٢) العظيم والنعيم الذي لا ينقطع ولا ينفد.

  {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ٣٠}⁣(⁣٣) وقد كلفهم


= أنفسكم، وقد رأينا وشاهدنا الكثير من العوام الذين لا يقرأون ولا يكتبون ثبتوا على الحق في كثير من الفتن العارمة، ولم يزعزعهم تيارها الجارف، ولم تحركهم عواصفها العاتية، وكم من عالم ضليع قد قتله جهله، يميل مع الفتن حيثما مالت.

(١) سؤال: ما إعراب: «سراً وعلانية»؟ وما الوجه في مدح إخراجهم الواجب علانية؟

الجواب: يجوز أن ينصبان بنزع الخافض، ويجوز أن يكونا مصدرين في موضع الحال أو حالين أي: مسرين ومعلنين. ولعل الوجه في مدح علانيتهم أنهم يكونون قدوة حسنة للآخرين في ذلك، أو أنهم من أهل الإخلاص لله تبارك وتعالى، فلا يشوب علانيتهم أي شائبة من رياء أو نحو ذلك، والله أعلم.

(٢) سؤال: يقال: الأصل في البوار عدم نفاق السلعة فكيف يناسب تحصيل الثواب هذا المعنى؟

الجواب: المعروف أن التجارة معرضة في الدنيا للنقص والبوار، أما تجارة المؤمنين فلا يلحقها بوار ولا نقص، والسلعة إذا بارت نقصت قيمتها وقل ثمنها بخلاف العمل الصالح.

(٣) سؤال: ما الوجه في التفريق بين الزيادة والأجور نفسها؟ وهل يصح أن نطلق على الأجور نفسها أنها تفضل؟

الجواب: الوجه في التفريق هو بيان أن ما يعطيه الله تعالى يوم القيامة للمؤمنين قسمين: قسم يعطيهم إياه على أنه أجر وثواب مستحق لهم على أعمالهم، وقسم يعطيهم إياه زيادة وتفضلاً منه وإحساناً زائداً على أجورهم التي يستحقونها بأعمالهم. ويصح أن نطلق على الأجور المستحقة على الأعمال أنها تفضل من الله، إلا أنها وإن كانت تفضلاً منه =