سورة يس
  يتأتى منه السير على طريق الهدى(١).
  ثم شبههم الله سبحانه وتعالى بصورة ثانية فقال سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ٩ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ١٠}(٢) أراد الله سبحانه وتعالى هنا أن يقنع نبيه محمداً ÷ بعدم إيمان قريش، وعدم استجابتهم لدعوته مهما حاول فيهم، وأنه مهما وعظهم وذكرهم فلن ينتفعوا أو يهتدوا بمواعظه وتذكيره لهم، وذلك أن محمداً ÷ كان طامعاً في إيمانهم، وقد أجهد نفسه في ملاحقتهم ولكن دون أي فائدة وكاد أن يهلك نفسه في سبيل ذلك.
(١) سؤال: قد يقال في هذا وفي الذي بعده: ما وجه إسناد الجعل إلى الله تعالى؟ وكذلك التغشية وهي موهمة ولا سيما على الجاهل؟ وأيضاً ما هي القرائن والدلائل على أنه مَثَلٌ ليس إلا؟ وهل يشترط في القرينة أن تكون في نفس السياق أم لا وضحوا ذلك رفع الله شأنكم وأدامكم ذخراً للإسلام والمسلمين؟
الجواب: ساغ إسناد الجعل والتغشية إلى الله بما فعله تعالى من سلب الألطاف والتوفيق والتنوير، وكلما ازداد المجرم توغلاً في إجرامه ضعفت أنوار بصيرته حتى يكون ظلام الكفر والإجرام هو المسيطر فلا يدرك حينئذ العقل الهدى، وصار حاله كحال من غلت يداه إلى عنقه فارتفع وجهه إلى السماء بسبب الغل، فإنه في هذه الحالة لا يمكنه رؤية الطريق ولا يتأتى منه المضي فيها. والدليل على أن هذا مَثَلٌ أي مجاز مركب: أن المعنى الحقيقي منتف عن المشركين الذين وصفوا بهذا المثل فلا أغلال ولا إقماح ولا سدود ولا غواش، فالقرينة عقلية، والعلاقة هي حصول المانع من إدراك الهدى، وهي في المشبه معنوية وفي المشبه به حسية.
(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ١٠}؟ وما محل جملة: {لَا يُؤْمِنُونَ ١٠}؟
الجواب: «سواء» خبر مقدم، و «أأنذرتهم أم لم تنذرهم» في تأويل مصدر مبتدأ مؤخر، والتقدير: الإنذار وعدمه سواء عليهم، وهذا من المواضع التي يقدر فيها الفعل بالمصدر من غير حرف مصدري، ومن ذلك: «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه». «لا يؤمنون» لا محل لها من الإعراب، مؤكدة لجملة المبتدأ والخبر لأن معنى الجملتين متحد.