محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة يس

صفحة 538 - الجزء 3

  المدينة يقال له مؤمن آل يس، ويسمى بحبيب النجار، وكان الإيمان قد دخل في قلبه، فدخل على قومه ينصحهم بأن يستجيبوا لدعوة الله تعالى ودعوة رسله، وأن الأولى بهم أن يتبعوهم ويؤمنوا لهم؛ لأنهم إنما يدعونهم إلى ما فيه نجاتهم وخلاصهم.

  {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٢٢}⁣(⁣١) استنكر هذا الرجل الذي آمن على قومه فقال: لماذا نعبد الأصنام التي لا تملك شيئاً، ونترك عبادة الله سبحانه وتعالى الذي بيده خلقنا، وإليه مرجعنا وإليه حسابنا؟

  ووعظهم وذكرهم بالله سبحانه وتعالى، وأنه الإله الذي يستحق أن يتوجهوا بالعبادة إليه.

  {ءَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ⁣(⁣٢) يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ ٢٣} وكيف أتخذ آلهة من دون الله سبحانه وتعالى، وهو الذي خلقني؟ ومن الذي سيدفع عني الضر والبلاء إن أراد أن ينزله بي؟ وهل تستطيع هذه الأصنام أن تدفع عني ذلك الضر والبلاء، أو تنقذني من الهلكة إن


= مستحكم الإيمان حريص على إيمان قومه، ويؤخذ من ذلك أن من شأن المؤمن أن يسعى جهده في إرشاد الناس وتعليمهم والحرص على هدايتهم، وأن يدعوهم إلى اتباع العلماء المخلصين الذين لا يطلبون بعلمهم الدنيا ولا يستأكلون الناس به.

(١) سؤال: قد يقال: ما السر والحكمة في إدخاله لنفسه في الخطاب والمفروض أن يقول: وما لكم لا تعبدون؟ وما إعراب: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي

الجواب: قد يكون السر والحكمة هو استدعاء إصغاء قومه إلى نصيحته، فلو أنه وجه اللوم إليهم وجبههم به لنفروا. «ما لي» ما: مبتدأ، ولي: متعلق لمحذوف خبر، أي: أي شيء مانع لي. «لا أعبد الذي فطرني» في محل نصب حال.

(٢) سؤال: فضلاً هل جملة الشرط هنا صفة أم الجواب؟ وما السر في حذف ياء المتكلم من قوله: «يردن» وهي لا تحذف خطاً وإن حذفت نطقاً؟

الجواب: الجملة الشرطية بكاملها صفة لآلهة؛ لأن الشرط قيدت في الجواب، وحذفت الياء من «يردن» اتباعاً لخط المصحف.