محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة يس

صفحة 539 - الجزء 3

  أراد الله تعالى إنزالها بي؟

  {إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢٤} فبعد كل هذا إن عبدت تلك الأصنام، أو اتخذت إلهاً غير الله سبحانه وتعالى فاعلموا أني خارج عن طريق الهدى والصواب.

  وقد أراد هذا المؤمن بذلك كله أن يبعثهم على النظر والتفكر؛ إذ يستثيرهم بطريق غير مباشرة، وذلك من خلال توجيهه هذه التساؤلات واللوم إلى نفسه، وكذلك ما فيه من لفت أنظارهم، وجذب انتباههم إليه.

  {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ٢٥}⁣(⁣١) ثم أعلن إيمانه على مسمع من قومه، وطلب منهم أن يسمعوا حجج الله وبيناته التي تدل على إلهيته وربوبيته.

  {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ}⁣(⁣٢) فبعد أن أفصح لقومه عن إيمانه ووعظهم وذكرهم بالله سبحانه وتعالى قتلوه شر قتلة، وقد روي أنهم داسوه بأقدامهم إلى أن مات.

  {قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ⁣(⁣٣) ٢٦ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ٢٧} أخبر الله تعالى عن ما صار إليه ذلك المؤمن من المنازل الرفيعة والكرامة عنده، وما


(١) سؤال: هل يفيد قوله: «فاسمعون» أنه أسمعهم حججاً أخرى غير هذه التي نقلها لنا القرآن الكريم؟

الجواب: المراد فاسمعوا ما ذكرت لكم من الحجج والبينات سماع وعي وانتفاع.

(٢) سؤال: هل هذا القول حقيقة أم أنه الحكم باستحقاقه الجنة؟ وهل يدلنا على أن المؤمن يدخل في النعيم بعد الموت مباشرة؟

الجواب: الذي يظهر أنه إخبار باستحقاقه دخول الجنة؛ لأن دخولها لا يكون إلا يوم القيامة كما تظاهرت به آيات القرآن ويتلقى المؤمن البشرى عند الموت: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ٣٠}⁣[فصلت]، ثم تتنعم روحه بعد الموت نعيماً دون نعيم الجنة.

(٣) سؤال: هل يدل قوله: «يا ليت قومي ..» إلخ على حياة الأرواح أم على أي جهة كان تمنيه هذا التمني؟

الجواب: قوله: «يا ليت قومي يعلمون» يتمنى ذلك عند البشرى أو بعد الموت في حياته الروحية.