محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة ص

صفحة 610 - الجزء 3

  ويزعمون أنه سينتهي كل شيء بالموت، فأجاب الله سبحانه وتعالى عليهم بما يرد اعتقادهم هذا، فأخبرهم بأنه لم يخلق السماوات والأرض وما فيهما إلا لغرض وأمر عظيم، وهو ما يترتب عليهما من البعث والحساب والجزاء.

  {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ٢٨}⁣(⁣١) لو لم يكن حساب ولا جزاء ولا جنة ولا نار للزم أن يكون الله تعالى قد ساوى بين المؤمن والمفسد، والمتقي والفاجر، والظالم والمظلوم، والشاكر والكافر، والتسوية بين أولئك ظلم لا يليق بعدل الله وحكمته وعظمته وجلاله؛ لذلك قضى الله سبحانه وتعالى بحتمية البعث يوم القيامة ووجوب أن يحيي الله تعالى فيه الناس جميعاً الأولين والآخرين ليجزي المؤمن على إيمانه وعمله الصالح ويجزي المفسد في الأرض بما يستحقه من الجزاء، ويجزي المتقي على تقواه والفاجر على فجوره و ... إلخ⁣(⁣٢).


(١) سؤال: هل في هذه الآية دليل على فساد مذهب من يقول: إن مرتكب الكبائر من المسلمين الذي يموت وهو غير تائب منها تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له؟

الجواب: نعم، فيها دليل من حيث أن الله تعالى أنكر على المشركين الذين يعتقدون أن الله تعالى يساوي بين المؤمنين والمفسدين وبين المتقين والفجار، ولا خلاف أن الله تعالى لا يستنكر الحق وإنما يستنكر الباطل، وآية السجدة أوضح دليلاً وهي: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ١٨ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٩ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ٢٠}⁣[السجدة]، {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ٢٠}⁣[الحشر]، {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ٣٥ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٦}⁣[القلم].

(٢) سؤال: يقال: قد يدرك الإنسان بعقله حسن عفو الله عن المسيء، فكيف والآية دلت على خلافه؟ فهل هو من تغيير الشرع لحكم العقل أم أن العقل لا يدرك حسن ذلك؟ وضحوا ذلك رفع الله مقامكم.

الجواب: لا يحسن في العقل العفو عن المصر على الذنب غير التائب، بل لا يبعد في العقل قبح العفو عن المصر غير التائب. ومعلوم أن يوم القيامة للجزاء على الأعمال وأنه لا يقبل فيه تنصل =