سورة ص
  {إِذْ(١) عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ٣١} يذكر الله تعالى هنا قصة سليمان بن داود @ عندما أعطاه الله سبحانه وتعالى الملك العظيم والنفوذ والقوة عندما عرض عليه الصافنات الجياد، وهي الخيل التي ترفع إحدى قوائمها وتبقى واقفة على ثلاث قوائم، والعشي: هو آخر النهار، ومعنى «الجياد»: جمع جواد وهو السابق.
  {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ(٢) الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ٣٢}(٣) المراد أنه جلس ينظر إليها حباً لها وإعجاباً بها إلى أن غابت عنه واحتجبت عن ناظريه، وكان حبه لها وإعجابه بها صادراً عن أمر الله(٤) له بارتباط الخيل لما جعل
(١) سؤال: ما هو العامل في «إذ» الظرفية في هذه الآية؟
الجواب: العامل فيه «أواب» أو «نعم العبد».
(٢) سؤال: لم يتضح لنا معنى: «أحببت حب الخير» إذ كيف يحب الإنسان الحب؟
الجواب: «حب الخير» مفعول مطلق وليس مفعولاً به، أي: أحببت الخيل مثل حب الخير، {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ٨}[العاديات]، وبهذا يتضح المعنى ويرتفع الإشكال.
(٣) سؤال: هل يصح أن نحمل ضمير «توارت» على الشمس؟ لأن ظاهر التواري بالحجاب لا يطلق إلا عليها، وبدون ما يذكر في الروايات أنه ترك الصلاة إلى أن توارت الشمس أم لا ترونه مناسباً؟
الجواب: لا نرى ما ذكرتم مناسباً؛ لأنه لم يجر للشمس ذكر حتى يعود الضمير إليها، وإنما ذكرت الخيل، ولأن سليمان قال بعد تواريها بالحجاب: {رُدُّوهَا عَلَيَّ} وبعد ردها عليه أخذ يمسح على سوقها وأعناقها إعجاباً بها وحباً لها، ولو كان كما يقولون إنها ألهته عن الصلاة حتى خرج وقتها لبادر إلى تلافي ما فرط فيه من الصلاة ولاشتغل بها بدلاً من اشتغاله بالخيل من غير ضرورة، ولاشتغل بالاستغفار والتوبة إلى الله والاعتذار عنده.
وبعد، فلم يذكر الله تعالى استغفاراً لسليمان في هذا الموضع كما هي العادة في الذكر الحكيم عند ذكره لزلات الأنبياء وخطاياهم فدل ذلك على أنه # لم يكن منه معصية في هذه القصة.
(٤) سؤال: على مقتضى هذا ما يكون معنى «عن» في قوله: {عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}؟ وهل له شواهد في العربية؟
الجواب: معنى «عن» المجاوزة أي: انها على بابها، والمعنى: إني أحببت حب الخير - أي: حب الخيل الذي هو من زينة الحياة الدنيا - حال كوني في حبي لها صادراً عن ذكر ربي، أي: أن حبي لها ليس حباً للدنيا والميل مع الهوى ومع متاع الدنيا، وإنما بدافع من الله وإحياء دينه وإقامة ذكره، أي: =