سورة ص
  الله فيها من إرهاب العدو ومن الخير المعقود بنواصيها ولما لها من المكانة أقسم الله تعالى بصفاتها في سورة العاديات، فهذا هو المعنى الذي تحمل عليه الآية، ويليق بنبي من أنبياء الله تعالى.
  {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ٣٣}(١) ثم إنه أمرهم بعد ذلك أن يردوها إليه فأخذ يمسح على ظهورها وقوائمها من شدة إعجابه بها، وحبه الشديد لها.
  {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ٣٤ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ٣٥} امتحن الله
= أنه أحب الخير عن أمر الله وليس حبه لها كحب أهل الدنيا.
(١) سؤال: ما إعراب: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ}؟ وما معنى الباء في قوله: {بِالسُّوقِ}؟
الجواب: «طفق» فعل ماض من أفعال الشروع واسمها مستتر فيها. «مسحاً» مفعول مطلق لفعل محذوف أي: يمسح، والجملة في محل نصب خبر طفق. «بالسوق» متعلق بمسحاً، ومعنى الباء مثلها في: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة: ٦]، فإذا قدرنا أن الأصل: وامسحوا رؤوسكم بأيديكم فالباء للآلة مثل: كتبت بالقلم، وهذا التقدير أولى وأحرى من جعلها للتبعيض كالتي في قوله: شربن بماء البحر ثم ترفعت ... البيت؛ لأن مجيء الباء للتبعيض مذهب لا يرتضيه نحاة البصرة فهم لا يرون مناوبة الحروف بعضها عن بعض. وقد روي أن النبي ÷ حين علم الناس الوضوء مسح رأسه مقبله ومدبره أي: أنه مسح رأسه كله وقال: «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به» قال ذلك بعد أن بين للناس كيفية الوضوء الذي أمر الله به، فهذا دليل على أن الباء في قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} ليست للتبعيض.
سؤال: ما المانع من حملها على أنه شرع في ضرب سوقها وأعناقها مريداً بذلك ذباحتها والتقرب بها إلى الله سبحانه لا العبث بها أو استجابة لغضبه الذي لا يليق به # ويوافق ذلك مذهب من يجيز أكلها كالإمام زيد وغيره؟
الجواب: المسح هو حقيقة في المسح باليد أو بنحوها، ولا يستعمل المسح في الضرب بالسيف ونحوه في اللغة، والمجاز يحتاج إلى قرينة قوية تمنع من حمله على معناه الحقيقي، وليس في الآية قرينة لا قوية ولا ضعيفة. والتقرب إلى الله هو في رباط الخيل ولا سيما ذو الملك والسلطان؛ ليرهب عدو الله بها، لا في عقرها والصدقة بلحمها، ولا يتصدق بسلاحه وقت الحرب إلا أحمق.