محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة ص

صفحة 617 - الجزء 3

  ذلك كان رحمة منه تعالى لنبيه جزاءً على صبره ورضائه بقضاء الله سبحانه وتعالى فيه.

  {وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ٤٣} وأيضاً جعل الله سبحانه وتعالى في قصة أيوب # العظة والعبرة لمن أراد أن يعتبر بما جرى على نبيه، وأن يكون قدوة له في الصبر والرضا بما قسم الله سبحانه وتعالى له من الصحة والبلاء والشدة والرخاء.

  {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ}⁣(⁣١) كان أيوب # قد أقسم على الله سبحانه وتعالى أنه إن شفاه الله ليضربن امرأته مائة جلدة عقاباً لها على أمر أغضبه، وبعد أن شفاه الله تعالى أمره أن يأخذ عثكولاً من النخل فيه مائة شمراخ فيضرب به امرأته ضربة واحدة ليبر في قسمه ذلك.

  {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ٤٤} أثنى الله سبحانه وتعالى على أيوب # لصبره على ما ابتلاه من البلوى التي لم تثنه عن مواصلة ذكر الله تعالى وعبادته وعن الرضا والتسليم لقضاء الله فيه.

  {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ٤٥} أراد الله سبحانه وتعالى بأولي الأيدي أهل القوة في طاعة الله سبحانه وتعالى وعبادته والصبر على البلوى، وأراد بأولي الأبصار أهل البصائر والعقول النافذة في التفكر في آيات الله سبحانه وتعالى وتوحيده وتقديسه.

  {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ⁣(⁣٢) ٤٦ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ


(١) سؤال: من فضلكم ما هو الذي نستفيده من هذه الآية من الأحكام الفقهية؟

الجواب: قد أخذوا منها في إقامة الحد على المريض الهالك بأن يأخذوا عثكولاً فيه مائة شمراخ فيضرب به ضربة واحدة، وجواز الحيلة لإسقاط الواجب عند العذر.

(٢) سؤال: ما الوجه في نسبة الإخلاص إلى الله سبحانه؟ وهل قوله: «ذكرى الدار» بدل من «خالصة»؟ وما إعرابها على قراءة عدم التنوين؟

الجواب: الوجه أن الله تعالى هو الذي تفضل عليهم بأسباب الإخلاص من التوفيق والتنوير والتسديد والمعونة. «ذكرى الدار» يصح فيها أن تكون بدلاً، ويصح أن تكون خبراً لمبتدأ محذوف أي: هي ذكرى الدار، وعند من قرأها بغير تنوين تكون مضافة إلى خالصة والإضافة بيانية.