سورة ص
  {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ٦٨} وأخبرهم يا محمد أن ما تلوته عليهم من أمر القيامة والبعث والحساب(١) ليس بالأمر الهين والسهل فهو من الأمور العظيمة والأخبار التي ينبغي أن يستعد المرء لمثلها غاية الاستعداد، ولكنهم على العكس من ذلك فهم معرضون عنها غاية الإعراض.
  {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ٦٩ إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ٧٠}(٢) وأخبرهم يا محمد بأنك لم تكن تعلم بما كان يجري في الملأ الأعلى بين الملائكة والشيطان من الجدال والتخاصم(٣) في خلق آدم وأمر الله سبحانه وتعالى لهم بالسجود له لولا ما كان من إخبار الله سبحانه وتعالى لك بعلمه.
  وأخبرهم أيضاً بأنك نبي مرسل من عند الله تعالى لإنذارهم.
  ثم أخبر الله سبحانه وتعالى بذلك الذي قد حصل في الملأ الأعلى فقال:
  {إِذْ قَالَ(٤) رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ٧١ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ
(١) سؤال: من فضلكم ما الذي يدلنا على أن مرجع الضمير إلى يوم القيامة والبعث والحساب؟
الجواب: الذي دلنا هو تسميته بالنبأ العظيم، والنبأ العظيم هو يوم القيامة {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ١ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ٢}[النبأ]، وهذا مع تقدم ذكر أهل الجنة وأهل النار.
(٢) سؤال: ما الوجه في قصر الإيحاء على النذارة فقط دون بقية الشريعة؟
الجواب: القصر إضافي فالنفي متوجه إلى ما سألوه ÷ عنه لا إلى سائر الشريعة.
(٣) سؤال: فضلاً من أين يظهر لنا كون التخاصم بين الملائكة والشيطان؟ إلا أن يراد بالتخاصم التخالف بينهم حيث امتثلوا وهو استكبر، فبينوا ذلك حفظكم الله؟
الجواب: قد قال تعالى: {إِذْ يَخْتَصِمُونَ ٦٩} فلا بد أنه قد كان بينهما اختصام إلا أن الله تعالى لم يحكه لنا، بل حكى عناوين من كلام الشيطان لعنه الله التي تدل على استكباره وتمرده عن أمر الله وشدة عداوته لآدم وبني آدم وما عزم عليه من إضلالهم وإغوائهم أجمعين إلا عباد الله المخلصين وما أعطاه الله من النَّظِرَة وكل ذلك من أجل أن يحذره آدم وبنوه إلى يوم القيامة، ولم يذكر تعالى ما قاله الملائكة لأنه لا يتعلق بحكاية أقوالهم فائدة، وفي كلام الله تعالى عن إبليس ما يكفي.
(٤) سؤال: فهل يكون «إذ قال» بدلاً من قوله: {إِذْ يَخْتَصِمُونَ ٦٩}؟ وما إعراب «ساجدين»؟
الجواب: «إذ» بدل من «إذ يختصمون». «ساجدين» حال من فاعل «قعوا».