سورة الزمر
  من نفس آدم وحواء(١). ومعنى «جعل منها زوجها»: أنه خلق حواء من نفس الجنس الذي خلق منه آدم #.
  {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ}(٢) وهو وحده الذي أنعم عليكم بأن خلق لكم هذه الثمانية الأزواج من الأنعام وسخرها في مصلحتكم ومنفعتكم، فهو الذي يستحق أن تطيعوه وتشكروه على نعمه العظيمة هذه عليكم.
  {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ}(٣) ويذكرهم الله أن ينظروا في كيفية تكوينهم في بطون أمهاتهم؟ فبدايت خلقهم من
(١) سؤال: قد يقال بأن استخدام «ثم» وما تدل عليه في قوله: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وتقديم «منها» على «زوجها» قرائن على أن حواء مخلوقة من آدم نفسه، فكيف نجيب على ذلك؟
الجواب: «ثم» جاءت للتنبيه على أعظم منة الله على الإنسان حيث جعل له زوجاً من جنسه ليأنس به ويميل إليه ولا ينفر منه، وقدم «منها» لأن المنة العظيمة هي كونه منها، أي: من جنسها، ولم يسق الكلام للتمنن بأنه جعل زوجاً للإنسان، فهذا وجه تقديم «منها».
وبعد، فليس في كون حواء خلقت من ضلع آدم منةٌ، وإنما المنة في كونها من جنسه، ولا زالت هذه المنة على بني آدم إلى يوم القيامة، فكل منا يدرك هذه المنة ويحس بعظمها.
(٢) سؤال: هل إطلاق الزوج على النوع الواحد حقيقة أو مجاز؟ وما العلة في التعبير عن خلق الأنعام الثمانية بالإنزال؟
الجواب: يطلق الزوج على النوع الواحد حقيقة إذا كان في ضمن جنس يجمعه هو وغيره، نحو: {كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ٧}[الشعراء]. وعبر بالإنزال عن خلق الحيوان لأن الأمر والقضاء ينزل من السماء أو لأن خلقها وتكوينها يكون بالماء النازل من السماء، فبالماء تنمو الحيوانات وتكثر أعدادها فإذا اشتد الجدب واستمر ماتت الحيوانات وذهبت.
(٣) سؤال: ما محل جملة «يخلقكم» هذه؟ وبماذا تعلق الجار والمجرور «من بعد»؟ وأيضاً «في ظلمات»؟ وما إعراب «ثلاث»؟ وما هي فائدته بعد قوله: «ظلمات»؟
الجواب: يمكن أن تعرب حالية فتكون في محل نصب ويمكن أن تكون استئنافية لبيان كيفية خلقه تعالى للإنسان، «من بعد خلق» صفة لـ «خلق». «في ظلمات ثلاث» متعلق بخلق في قوله: {مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ}. «ثلاث» بدل من ظلمات وفائدتها بيان العدد المجمل في ظلمات.