سورة الزمر
  {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ ١٦}(١) يكرر الله تعالى على المشركين(٢) الإنذار والتخويف لعلهم ينتفعون بتخويفه وتحذيره، ويرتدعون عن معصيته.
  {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ ١٧}(٣) وأما الذين اجتنبوا عبادة الآلهة التي من دون الله تعالى، ورجعوا إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده فأخبرهم بأن لهم البشرى بالفوز العظيم، والحياة السعيدة الأبدية في جنات النعيم.
(١) سؤال: ما فائدة دخول هذه الفاء هنا؟
الجواب: تسمى هذه الفاء بالفصيحة وفائدتها ربط الجملة بشرط مقدر تدل عليه قوة الكلام.
(٢) سؤال: من فضلكم هل يقتصر هذا التخويف على المشركين، أو يشمل جميع من يستحق النار ولو كان من الفاسقين؟ ولماذا؟
الجواب: يشمل جميع من يستحق النار فالآية وإن نزلت في المشركين فإنها عامة لكل من يستحق النار: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، فمن استحق النار فقد خسر نفسه وأهله، ثم قال بعد ذلك: {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ ١٦}، و «عباده» عام للمشركين وغير المشركين ثم دعا عباده فقال: {يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ ١٦} فلم يخص بندائه أحداً.
(٣) سؤال: ما محل المصدر «أن يعبدوها»؟ وما معنى الفاء في قوله: «فبشر عباد»؟ وهل يطلق على التحاكم إلى حاكم المنع (الأعراف القبلية التي قد تعارض بعض أحكام الشريعة المطهرة) طاغوتاً أم لا؟
الجواب: «أن يعبدوها» في محل نصب بدل من الطاغوت ويطلق الطاغوت على القوانين المخالفة لأحكام الإسلام سواء أكانت عرفية أم دستورية كالتي تشرعها البرلمانات (مجالس الشورى) والطاغوت مأخوذ من الطغيان، والطغيان في الشرع مجاوزة حدود الله التي حدها لعباده في كتابه وعلى لسان رسوله ÷، والفاء في قوله: «فبشر عباد» هي الفصيحة التي تأتي في جواب شرط مقدر.