محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزمر

صفحة 640 - الجزء 3

  فيهم المواعظ والآيات فتردعهم عن معصية الله سبحانه وتعالى، واتباع أهوائهم وشهواتهم.

  {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ١٨} فهؤلاء هم أهل هداية الله تعالى⁣(⁣١)، وهم أهل العقول الراجحة؛ لأنه لا عاقل إلا من استجاب لما يدله عليه عقله.

  {أَفَمَنْ حَقَّ⁣(⁣٢) عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ١٩} وأمره أن يخبرهم أن من استوجب عذاب الله سبحانه وتعالى وسخطه ومن استوجب ثوابه ليسا سواءً عنده تعالى، فأهل الثواب لهم الدرجات الرفيعة في جنات النعيم، وأما أهل المعاصي فسيعذبهم الله تعالى بالخزي والصغار في نار جهنم.

  ثم أخبره أنه لن يستطيع أن ينقذ الذي استحق عذابه وسخطه⁣(⁣٣)، وذلك أن النبي ÷ كان حريصاً كل الحرص على إيمان قريش واستنقاذهم من ظلمات الشرك والجهل إلى نور الحق والهدى، وقد أتعب نفسه في ملاحقتهم حتى كاد أن يهلك نفسه في سبيل ذلك، ولكن لم يلق أي قبول أو إجابة منهم، فأخبره الله سبحانه وتعالى أن يكف عن ملاحقتهم وأن لا يتعب نفسه في ذلك فلن يؤمنوا أبداً مهما حاول فيهم.


(١) سؤال: إلى أي معاني الهداية يرجع هذا المعنى؟

الجواب: يعود معنى الهداية هنا إلى معنى التوفيق والتنوير.

(٢) سؤال: أين الخبر لقوله: «من حق عليه»؟

الجواب: الخبر محذوف تقديره: كمن نجا، أو: فأنت تنقذه؛ لدلالة: «أفأنت تنقذ».

(٣) سؤال: يقال: فما القول فيمن هداهم النبي ÷ وتابوا على يديه من ظلمات الشرك والمعاصي بعد أن استحقوا عذاب الله وسخطه؟

يقال في الجواب: إن الذين استحقوا العذاب هم الكثرة الغالبة بدليل أن الله تعالى قد ذكرهم في مواضع كثيرة بقوله: {وَهُمْ مُعْرِضُونَ ٢٣}⁣[الأنفال] ونحوها، فيكون من آمن وحسن إيمانه مستثنى في علم الله.