سورة الزمر
  حالهم في عبادتهم للأصنام بحال عبد اشترك فيه مجموعة أشخاص مختلفين فيما بينهم، فكل واحد منهم له رأي غير رأي الآخر، فكيف يستطيع هذا العبد أن يطيعهم ويرضيهم جميعاً وكل واحد منهم يطلب منه ضد ما يطلب الآخر.
  وشبه حال المؤمنين في عبادة الله سبحانه وتعالى وحده بعبد مملوك لمالك واحد فإنه يستطيع أن يخدمه ويطيعه ويرضيه.
  فأمرهم أن ينظروا في الفرق بين هذين الصنفين، وأيهما أحسن حالاً من الآخر؟ وسيعرفون الفرق الواضح بينهما، ولكنهم تعاموا عن الحق وأعرضوا عنه أشد الإعراض.
  {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ٣٠ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ٣١} بعد أن أدّى النبي ÷ ما أُمِرَ بتبليغه للمشركين أخبره الله تعالى أنه مهما فعل فيهم فلن يقبلوا منه أو يستجيبوا له، وأمره أن يخبرهم بأن مرجعهم جميعاً سيكون إلى الله تعالى، وسيقفون بين يديه يوم القيامة ليحكم بينه ÷ وبينهم.
  {فَمَنْ(١) أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ٣٢} ذكر الله تعالى أن المشركين نسبوا(٢) إلى الله سبحانه وتعالى ما لا يليق به من الأمر بالشرك والمعاصي، ثم لما أنزل عليهم القرآن كذبوا به، فأخبر الله سبحانه وتعالى أنهم قد بلغوا الغاية في الظلم والكفر ومعصية الله تعالى، وأنه قد أعد
(١) سؤال: ما معنى هذه الفاء هنا؟ وما فائدتها؟ وهل يؤخذ من ذلك بيان معنى الاختصام في الآية السابقة؟ وما هو؟
الجواب: الفاء سببية عاطفة، وفائدتها بيان فلج المشركين المكذبين عند الخصومة وبيان نتيجة الخصومة.
(٢) سؤال: من أين نأخذ هذا ونفهمه؟
الجواب: أخذ ذلك من قوله: {كَذَبَ عَلَى اللَّهِ} قال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}[الأعراف: ٢٨].