محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزمر

صفحة 651 - الجزء 3

  الذين يخوفونك يا محمد بآلهتهم هم أهل الضلال الذين قد حكم عليهم به، وسلب عنهم الألطاف، ولن يستطيع أحد أن يهديهم ما داموا قد رفضوا الاهتداء بهدى الله تعالى الذي أنزله عليهم.

  {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ} وأما من قبل الهدى، وتمسك بأسباب الهدى التي أعطاه الله تعالى فلن يستطيع أحد أن يدخله في الضلال بعدها أبداً.

  {أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ ٣٧}⁣(⁣١) إن الله سبحانه وتعالى هو العزيز الغالب والممتنع، والقاهر لكل شيء بقدرته، وهو قادر على أخذهم وتعذيبهم والانتقام منهم، غير أن حكمته اقتضت أن يمهلهم، ويؤخر تعذيبهم إلى أجل مسمى كتبه لهم.

  {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ذكر الله تعالى أن المشركين مقرون ومعترفون بالله تعالى، وأنه وحده المتفرد بخلق السماوات والأرض وما فيهما، فلماذا لا يعبدون الله سبحانه وتعالى ما داموا مقرين ومعترفين بأنه الذي خلقهم، وخلق كل شيء؟

  {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ⁣(⁣٢) اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يسأل المشركين أيضاً: ماذا ستفعل آلهتهم التي يعبدونها إن أراد الله سبحانه وتعالى أن ينزل الضر والبلوى بأحد؟

  وهل ستستطيع هذه الآلهة أن تكشف هذا الضر والبلوى؟

  وكذلك يسألهم: هل ستستطيع أن تمسك نزول رحمته إن أراد أن ينزلها بأحد من خلقه؟


(١) سؤال: ما إعراب «ذي انتقام»؟ وما الوجه في جره؟

الجواب: «ذي انتقام» صفة مجرورة لـ «عزيز»، وجرت لأنها تابعة لمجرور.

(٢) سؤال: هل هناك علة متعقلة في تعبير النبي ÷ بضمير نفسه في قوله: «أرادني»؟ أم لا؟

الجواب: جاءت هذه الآية رداً على تخويفهم للنبي ÷ من آلهتهم في قوله تعالى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}، فمجيئه بضمير نفسه هو مقتضى الظاهر.