سورة الزمر
  فحتماً لن يجدوا جواباً مقنعاً إلا أن يعترفوا أنها لا تستطيع فعل شيء من ذلك.
  {قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ٣٨}(١) ثم أمره الله سبحانه وتعالى بعد أن يعترفوا له أن يخبرهم بأنه سيعبد الله وحده لا يشرك معه غيره لأنه الذي يستحق العبادة وهو الذي بيده الضرر والنفع وعليه وحده يتوكل المتوكلون.
  {قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ٣٩(٢) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ٤٠} بعد أن بلَّغهم النبي ÷ حجج الله سبحانه وتعالى وبيناته، وصرَّف لهم الآيات، وحصل منهم ما حصل من التمرد والاستهزاء - أمره الله تعالى أن يتحدى المشركين بأن يعملوا منتهى طاقتهم في إبطال أمره إن استطاعوا، وأن يجهدوا جهدهم في هدم الدين وأهله، وأن يحاولوا بكل ما أوتوا من القوة في ذلك، وأن يخبرهم أيضاً بأنه سيعمل كل ما يستطيع لإفساد شركهم وضلالهم وباطلهم وهدم آلهتهم ودينهم.
  وذلك أن المشركين كانوا متوقعين لهلاك النبي ÷ وانطماس دعوته وشريعته وهلاك جميع أتباعه جزاءً على مخالفته لدين آبائه وأجداده الذي يزعمون أنه دين إبراهيم وإسماعيل، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يتحداهم ذلك التحدي، ويعلمهم أنهم مهما حاولوا فلن يستطيعوا أن يطمسوا الإسلام، وأن يخبرهم أنهم في الأخير سوف يعلمون حين يحل بهم عذاب الله من هو الذي على الضلال والباطل؟ ومن هو الذي استحق عذاب الله تعالى وسخطه؟
(١) سؤال: فضلاً ما إعراب «حسبي الله» مفصلاً؟ وما وجه فصل الجملة التي بعدها عنها؟
الجواب: «حسبي» خبر مقدم، ولفظ الجلالة مبتدأ مؤخر، وفصلت الجملة التي بعدها لأنها مستأنفة استئنافاً بيانياً لبيان العلة.
(٢) سؤال: هل العلم هنا بمعنى المعرفة فلا يحتاج إلا مفعولاً واحداً فقط؟ أم كيف؟
الجواب: العلم بمعنى المعرفة فلا يحتاج إلا إلى مفعول به واحد.
سؤال: هل يصح أن تحمل هذه الآية على التهديد فقط من باب: «كل يعمل على شاكلته ... إلخ» أم لا؟
الجواب: الأمر للتهديد بدليل آخر الآية: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ٣٩}.