محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزمر

صفحة 653 - الجزء 3

  {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا⁣(⁣١) وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ٤١} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه أنزل عليه القرآن الذي جعل فيه الحق والهدى لمن أراد أن يهتدي بهديه ويستضيء بنوره، وأمره أن يبلغهم ذلك ويخبرهم أنهم مخيرون في العمل بما فيه والاهتداء بهديه، وأن يخبرهم أن هذا هو الذي يجب عليه من رسالة ربه، أما أمر دخولهم في الهدى والدين فذلك ليس موكولاً إليه، فمن قبل الهدى فقد أنقذ نفسه، ومن رفض قبوله فسيتحمل وزر ذلك على ظهره.

  {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} الله وحده المختص باستيفاء آجال خلقه وأخذ أرواحهم، والله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يأخذ روح⁣(⁣٢) النائم حال نومه⁣(⁣٣)، فإن كان ذلك النائم قد استوفى أجله وبلغ نهاية عمره فإن الله تعالى لا


(١) سؤال: هل يمكن أن نستفيد من هذه الآية أن الحق المصاحب لنزول القرآن هو تخيير العباد بين الاهتداء والضلال فمن أي ناحية أو بأي دلالة؟

الجواب: هناك آية في سورة الكهف تنص نصاً على تخيير العباد بين الإيمان والكفر وهي قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}⁣[الكهف: ٢٩]، أما هذه الآية «فمن اهتدى ...» فلا تنص على الاختيار والمشيئة نصاً ظاهراً وإنما نصاً خفياً يحتاج إلى نظر واستدلال وذلك من حيث أن قوله: «اهتدى» من باب الانفعال أي: قبل الهدى ورضي به وأذعن له.

(٢) سؤال: بناء على هذا فعلام عطف قوله: «التي لم تمت»؟ وبماذا تعلق قوله: «في منامها»؟

الجواب: «التي لم تمت» معطوف على «الأنفس» أي: ويتوفى التي لم تمت في منامها. «في منامها» متعلق بقوله: «لم تمت».

(٣) سؤال: قد يشكل علينا أننا نرى النائم يتنفس ويتحرك ويسمع بعض الأصوات العالية فكيف؟ وهل يبتني على هذا أن الروح هو العقل الذي يؤخذ عن النائم أم لا؟

الجواب: قد نص الله تعالى في آية أخرى على وفاة النائم حال نومه في قوله ø: {وَهُوَ الَّذِي =