محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزمر

صفحة 654 - الجزء 3

  يرد روحه إليه، وإن لم يكن قد استوفى أجله فإنه يرد روحه حال استيقاظه، وهكذا إلى أن يستوفي أجله المقدر له.

  {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ٤٢} فذلك آية من آياته الدالة عليه تعالى وعلى قدرته لمن نظر وتفكر في مسألة مسك الروح وإرسالها.

  {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ} ولكن المشركين معرضون عن آيات الله تعالى التي يبثها لهم، ويحثهم على النظر والتفكر فيها، ويذهبون إلى عبادة غيره من الآلهة التي يدعونها من دونه، ويزعمون أنها ستشفع لهم عند الله سبحانه وتعالى، وتقربهم إليه.

  {قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ ٤٣} قل لهم يا محمد: كيف تعبدون هذه الآلهة وأنتم تعرفون أنها لا تملك شيئاً، ولا تعقل أي شيء، ولا تستطيع أن تنفعكم أو تضركم بشيء؟ وهل تسمح لكم عقولكم بعبادتها وهي لا تقدر على أي نفع لكم وليس لها عقول حتى تعقل عبادتكم لها.

  {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٤٤}⁣(⁣١)


= يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}⁣[الأنعام: ٦٠]، وهذه الآية تدل على صحة تفسيرنا لآية الزمر: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ ...} وحياة النائم تشبه حياة النبات، أي: أنه لا يرى ولا يسمع ولا يحس ولا يشم ولا يعقل ولا يعلم أي: أنها تذهب كل مداركه وإحساساته، وتعود له نفسه عند التصويت بالقرب منه أو نحوه، وعند تحريكه بقوة، وإذا تشبع النائم من النوم استيقظ من تلقاء نفسه أو بأدنى حركة أو بأدنى صوت، والروح هو غير العقل؛ لأنه يذهب عند النوم: السمع والبصر والشم والطعم والإحساس والعقل والتفكير والعلوم والظنون، وليس العقل وحده.

(١) سؤال: ما إعراب «جميعاً»؟ وما السر في فصل جملة: «له ملك السموات» عن سابقتها؟ وعلام عطفت جملة «إليه ترجعون»؟

الجواب: «جميعاً» حال منصوب من الشفاعة والعامل ما في الجار والمجرور من معنى الفعل. وفصلت جملة: «له ملك السموات» عن سابقتها لأنها مستأنفة للتعليل أي: في جواب سؤال مقدر =