سورة الزمر
  وأن يخبرهم أن آلهتهم هذه لا تملك لهم أي نفع ولن تدفع عنهم أو تشفع لهم، فالشفاعة لله سبحانه وتعالى وحده، فهو الذي يعطي ويمنع، ويعز ويذل، ويثيب ويعاقب، فالخير والشر كله بيده وحده لا شريك له في شيء من ذلك، فما دام الملك له وحده فلن تستطيع آلهتهم هذه أن تتصرف في شيء من ملكه، فالأولى بهم أن يرجعوا إلى عبادته وحده ويتركوا تلك الآلهة ما دام مرجعهم وحسابهم إليه.
  {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ٤٥} يذكر الله سبحانه وتعالى هنا حال المشركين وشدة كبرهم وتعاليهم عليه بأنه إذا ذكر الله سبحانه وتعالى وحده عندهم فإن الكبر والأنفة تأخذهم فتراهم ينقبضون غضباً وحمية لآلهتهم، وتتغير وجوههم استنكاراً على الذاكر لماذا لا يذكر آلهتهم ويمدحها بخلاف حالهم عند الحديث عن الأصنام والآلهة فهم يهشون ويفرحون بذلك.
  {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ(١) وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ(٢)
= عن العلة. «إليه ترجعون» جملة معطوفة على «له ملك السموات ..» والجملتان - أي: المعطوفة والمعطوف عليها - لبيان السبب والعلة في كون الشفاعة كلها لله، فكأنه قال: لأن له ملك السموات والأرض وملك اليوم الآخر.
سؤال: هل المراد بالشفاعة هنا المصدر، وهو الحدث؟ أم الاسم، فما هو المعنى الدقيق لها؟
الجواب: الشفاعة مصدر «شفع» إلا أنه غير قياسي، وأصلها من الشفع ضد الوتر حيث أن الشافع ينضم إلى المشفوع له فيصيره شفعاً بعد أن كان منفرداً.
(١) سؤال: ما إعراب: «اللهم فاطر السموات والأرض»؟
الجواب: «اللهم» منادى حذف حرف النداء وعوض عنه ميم مشددة في آخره. «فاطر السموات» منادى مضاف، ولم يجعله سيبويه تابع على المحل؛ لأنه لم يسمع: اللهم الرحيم.
(٢) سؤال: ما الوجه في الإتيان بالخبر دون الطلب في قوله: «أنت تحكم ...»؟
الجواب: هو التفاؤل بحصول المطلوب فكأن ما لم يقع قد وقع، مع ما فيه من حسن الأدب مع الله تعالى.