سورة الزمر
  بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ٤٦} ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ أن يدعوه بهذا الدعاء، وذلك بعد أن دعاهم إلى الإسلام وأبلغهم الحجة ولقي منهم ما لقي من التكذيب والكفر والاستهزاء ومعناه: يا الله يا خالق السماوات والأرض يا عالم الغيب والشهادة احكم بيني وبين قومي بالحق، وحكم الله سبحانه وتعالى هو أن يثيب المؤمنين، ويعذب الكافرين والمنافقين.
  {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(١) يحذر الله تعالى المعرضين عن قبول آياته وعن العمل بأحكامه أن لا يتهاونوا بالله سبحانه وتعالى وأوامره لهم، ولا يتساهلوا بفعل ما يغضبه ويسخطه، وأن يحذروا أن ينزل بهم عذابه؛ لأن أخذه سيكون شديداً، وعذابه ليس بالأمر الهين، فإذا نزل بهم فلن يستطيع أحدهم أن يدفعه بأي شيء ولو كان يملك ملء الأرض ذهباً ومثله معه فقدمه فداءً لنفسه من ذلك العذاب فلن ينفعه ذلك أو يدفع عنه، أو يقبل منه.
  {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ٤٧ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا}(٢) وسيحاسبهم الله سبحانه وتعالى على كل صغيرة وكبيرة، حتى تلك الأشياء التي كانوا لا يعتدون بها لحقارتها وقلتها، كالنظرة والكلمة والنية سيحاسبهم
(١) سؤال: ما إعراب: «ومثله معه»؟ وما معنى «من» في قوله: «من سوء العذاب»؟
الجواب: «مثله» معطوف على اسم «أن» و «معه» متعلق بمحذوف حال، و «من» لابتداء الغاية.
(٢) سؤال: فضلاً هل يحمل قوله: «سيئات ما كسبوا» على الكبائر حتى يقال: ما لم يكونوا يحتسبون؟ وكيف أضيفت السيئات إلى ما كسبوا، والذي اكتسبوا هو السيئات؟
الجواب: الظاهر أن قوله: {مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ٤٧} هي أعمال كانوا يتقربون بها يظنونها حسنات فانكشف لهم يوم القيامة أنها معاص لله وليست طاعة. و «سيئات ما كسبوا» هي ما فعلوه من السيئات وهم يعرفون أنها سيئات، وأضيفت السيئات إلى ما كسبوا لأن فيما كسبوه سيئات وغير سيئات؛ فالإضافة للتخصيص.