سورة الزمر
  عليها، فليحذروا ولينتبهوا {وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}[الكهف].
  {وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ٤٨} وأحاط بهم ذلك الجزاء الذي كانوا يكذبون به.
  {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى(١) عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٤٩} أخبر الله سبحانه وتعالى عن طبيعة الكافر والمشرك(٢) بالله تعالى أنه إذا نزلت به مصيبة أو شدة أو مرض فإنه ينسى تلك الآلهة التي يعبدها، ويلجأ إلى الله تعالى حينئذ وحده بالدعاء والاستغاثة أن يكشف عنه ذلك الضر وتلك البلوى، فما إن يكشف الله سبحانه وتعالى عنه ضره ذلك ويسبغ عليه نعمه حتى ينسى الله تعالى، ويرجع إلى ما كان عليه من الكفر بنعم الله تعالى زاعماً أنه لم يؤت تلك الأموال والنعم إلا بذكائه وخبرته الواسعة في الحياة واكتساب الأموال.
  ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن تلك النعم التي يسبغها على عباده في الدنيا إنما جعلها فتنة لهم ليبلو أخبارهم هل سيشكرون نعمه عليهم أم سيكفرون بها؟
  وكذلك ما ينزله من الفقر والبلاء والمرض إنما هو فتنة واختبار من الله سبحانه وتعالى هل سيصبرون؟ {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥].
  {قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ٥٠} أخبر الله
(١) سؤال: ما معنى «على» في قوله: «على علم»؟
الجواب: معناها الاستعلاء أي: حال كوني على علم أي: متمكناً على العلم كتمكن الراكب على البعير أو على الفرس.
(٢) سؤال: من أين نأخذ تخصيصها بهؤلاء؟
الجواب: نأخذ ذلك من السياق فإنه في السورة يتحدث عن المشركين، وقوله: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} قرينة على التخصيص فإن المؤمن لا يصدر منه ذلك.