محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الزمر

صفحة 661 - الجزء 3

  يصلوا هذا الموقف وذلك أنه عندما يحل بهم عذاب الله تعالى سيأخذهم الأسى والحزن، ويصيبهم الأسف الشديد والندم على ما فرطوا في طاعة الله من فعل المعاصي والسيئات، وسينادون على أنفسهم بالحسرة والويل؛ فالأجدر بهم والأفضل أن ينتبهوا من غفلتهم، ويسارعوا إلى طاعة ربهم قبل حلول ذلك عليهم.

  وجنب الله هو طاعته وعبادته⁣(⁣١).

  {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ٥٧}⁣(⁣٢) والأجدر بهم أيضاً أن يرجعوا ما دام الرجوع مقبولاً، وما دام باب التوبة مفتوحاً، وما دامت أسباب السلامة متوفرة قبل موقف الحسرات هذا الذي يلجأون فيه إلى نكران هداية الله لهم، وفي الحقيقة فالله سبحانه وتعالى قد هداهم في الدنيا بما أرسل إليهم من الرسل، وأنزل عليهم من الآيات والحجج التي وصلت إلى بيوتهم غير أنهم لم يقبلوا ذلك الهدى الذي جاءهم بل كفروا به وردوه.


(١) سؤال: فضلاً ما هو الدليل على أن «جنب الله» طاعته؟

الجواب: الدليل هو أن التفريط الواقع من الإنسان المتعلق بالله لا يكون إلا في طاعته إما بترك ما أمر به أو فعل ما نهى عنه.

(٢) سؤال: يقال: كيف يتأتى منهم إنكار للهداية مع قول الله تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ}⁣[الملك: ١١]؟ وهل مرادهم أن الله لم يقدر لهم الاهتداء على قود قول المجبرة أم كيف؟

الجواب: أخبر الله تعالى أن الكافرين سيقولون عند حلول العذاب بهم ذلك القول: {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ٥٧} إلا أن الله تعالى سيكذبهم فيما قالوا ويرد عليهم كما في الآية التي بعدها: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ٥٩} فدل ذلك أن قولهم كذب، أما قوله تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ} فقد يكون بعد أن يحتج الله عليهم فلا يجدوا بداً من الإقرار والاعتراف.

ومرادهم بقولهم: {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي ...} الهداية العامة التي هي الدلالة بدليل جواب الله عليهم: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي ...}.