سورة غافر
  وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} ثم أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ بهذه الآية ليشد من عزيمته هو وأصحابه ويربط على قلوبهم ويخفف عنهم ما هم فيه من الشدة والضيق والضعف في مكة، وذلك أنهم كانوا أهل قلة وضعف وكان المشركون أهل سطوة وبطش وجبروت وقوة، فكأن المؤمنين احتقروا أنفسهم واستصغروها عند المشركين وداخلهم الشك في أن الله سبحانه وتعالى ليس راضياً عنهم، فأنزل(١) الله سبحانه وتعالى هذه الآية يخبرهم أنه يكفيهم من فضل الله ورحمته أن ملائكته وحملة عرشه يسبحون الله تعالى وينزهونه ويقدسونه، ويدينون بنفس ما يدين به أولياء الله في الأرض، ويدعون الله تعالى لهم بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار وأن يدخلهم جنات عدن هم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم وأن يصرف عنهم مخاوف يوم القيامة وأهوالها.
  وحملة العرش هم الذين ينفذون أوامر الله في تدبير أمور الخلائق.
  {رَبَّنَا(٢) وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} استفتحت الملائكة $ دعاءها بالثناء على الله سبحانه وتعالى بسعة رحمته وشمولها لكل شيء وبسعة علمه وإحاطته بكل شيء.
= ومعنى الباء التلبس والمصاحبة وهي ومجرورها في محل نصب حال يسبحون متلبسين بحمد ربهم ومصاحبين له، وضمير «به» يعود إلى «ربهم».
(١) سؤال: من أين نستوحي أن هذا سبب النزول؟
الجواب: نزلت هذه السورة في مكة والنبي ÷ والمؤمنون في مضايقات شديدة من المشركين وطالت عليهم تلك الشدائد فكان الله تعالى ينزل عليهم ما يشد من عزائمهم وما يسليهم فقص عليهم الكثير من قصص الأنبياء وما لاقوا من أقوامهم وأنزل عليهم آيات بعد آيات وكأن هذه الآيات تقول للمؤمنين: لا يكبر عليكم ما تلاقوه من المشركين فحملة العرش معكم ومن حول العرش معكم و ... إلخ.
(٢) سؤال: هل لهذه الجملة محل من الإعراب فما هو؟ أو لا محل لها؟ وما إعراب «رحمة وعلماً»؟
الجواب: «ربنا ... إلخ» في محل نصب مقول لقول محذوف. «رحمة وعلماً» تمييز نسبة.