محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة غافر

صفحة 17 - الجزء 4

  أنه كان في حاشية فرعون رجل من أهله مؤمن، وكان يكتم إيمانه، وعندما سمع كلام فرعون وعزمه على قتل موسى صاح فيهم: كيف تقتلون هذا الرجل وقد جاءكم بما يثبت صدق دعواه، وكان المفروض أن تنظروا في صدق ما يدعي، فليس من الإنصاف أن تقتلوه، فإن كان كاذباً فيما يدعي فلن يضركم كذبه⁣(⁣١)، وإن كان صادقاً في دعواه فسيلحقكم ذلك الذي يتوعدكم به من غضب الله سبحانه وتعالى وسخطه إن أنتم أصررتم على كفركم وتكذيبكم، فمن الأجدر بكم أن تحذروا الوقوع في ذلك الذي حذركم.

  {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ٢٨}⁣(⁣٢) ولو كان كاذباً فيما يدعي لما بلغه الله هذا المقام، ولما وصل إلى هذه المنزلة، ولبطلت حججه وبيناته التي أتاكم بها، ولظهر كذبه للناس قبل أن يصل إليكم، ولما ظهر هذا الظهور، وراجت بضاعته للعقول هذا الرواج.


= وقوم عاد وقوم ثمود و ... ؛ بدليل قول مؤمن آل فرعون، ولم يقله من تلقاء نفسه وإنما مما سمع من موسى # {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ ٣٠ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ...} ومعلوم أنه لا يصيبهم كل ما أصاب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم، فلا يصابون إلا ببعض ذلك إما بالغرق الذي أصاب قوم نوح وإما بما أصاب عاداً، وإما بما أصاب ثمود، وإما ... إلخ، وذلك بعض ما وعدهم لا كله، هذا ما ظهر لي، والله أعلم.

(١) سؤال: يقال: ألم يضرهم لو كان كاذباً وذلك باعتقادهم للباطل وانخراطهم عن عقائدهم فكيف ساغ له أن يقول: إنه لن يضرهم كذبه؟ أم كيف مراده؟

الجواب: قد قال: مؤمن آل فرعون في آخر كلامه هذا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ٢٨} أي: أنه لا يتم للكذاب أمر ولا سيما من يدعي النبوة.

(٢) سؤال: هل هذه الجملة جواب لسؤال مقدر أم ماذا؟

الجواب: هي في جواب سؤال مقدر عن العلة.