سورة غافر
  من الوصول إلى الله تعالى فيسأله عن حقيقة موسى وما جاء به؟ وينظر هل هو صادق فيما يدعي من النبوة، أم أنه إنما أراد أن يغوي الناس ويضلل عليهم بادعائه النبوة كاذباً؟ وأمرهم أن ينتظروا وسوف يأتيهم بالخبر الحق والنبأ اليقين. ومعنى «أسباب السماوات»: طرق السماوات.
  {وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ٣٧}(١) ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أن هذا الرأي وهذه المكيدة راجت عند أهل مصر(٢)، وقد استطاع أن يشكك عليهم حتى صدقوه، ولكن مكيدته هذه لن تنفعه عند الله سبحانه وتعالى، فلا بد أن يكشف أمره، ويفضحه بين الناس، وأن يوقع به السوء والمكروه الذي كان موسى يحذره من الوقوع فيه، والذي كان ينتظره ويخاف منه، وقد أهلكه الله سبحانه وتعالى على يديه. ومعنى «في تباب»: في ضياع وخسران.
  {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ ٣٨} ولا زال مؤمن آل فرعون يكرر عليهم مواعظه ونصائحه بأن يتنازلوا عن قرار قتله، ويحثهم على النظر والتمعن في صحة أمره وما جاء به، وأن يتحققوا آياته التي أتاهم بها ويتفكروا بعقولهم فيها.
  {يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ٣٩} وأرشدهم إلى حال الدنيا وزوالها وحذرهم من أن يغتروا بزينتها، فما فيها من الشهوات واللذات فإنما هو عرض زائل سرعان ما يزول ويفنى، وقد شبهها بما يأخذه المسافر من المتاع في سفره الذي هو سريع النفاد والانتهاء، ونصحهم أن يعملوا لآخرتهم
(١) سؤال: فضلاً ما أصل كلمة «تباب» أو ما هو فعلها؟
الجواب: «تباب» مصدر «تَبَّ» إلا أنه غير قياسي.
(٢) سؤال: من أين نفهم هذا؟
الجواب: نفهم ذلك من قوله: {وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ٣٧} فإنه يدل على أن ما فعله من البناء إنما هو مكيدة وتضليل لقومه.