محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة غافر

صفحة 24 - الجزء 4

  آل فرعون شدة عناد قومه حيث يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم وسلامتهم من عذاب الله سبحانه وتعالى فيرفضون؟ فليس من شأن العاقل أن يرفض عرضاً مثل هذا.

  {تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} وكيف تدعونني إلى ما فيه هلاكي، وهو اتخاذ الشركاء مع الله تعالى والكفر به، والحال أني أعلم بطلان ما تدعونني إليه، وأن الله هو الإله الواحد الذي لا شريك له.

  {وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ ٤٢} بينما أدعوكم إلى عبادة الإله القوي الغالب لكل شيء، والمسيطر على كل شيء، الذي يغفر ذنوب التائبين إليه، فأين عقولكم عن كل هذا؟

  وكلامه هذا يدل على أنه كان قد أظهر إيمانه وأعلنه⁣(⁣١) على الملأ من قومه.

  {لَا جَرَمَ⁣(⁣٢) أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ⁣(⁣٣) فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ} ثم أخبرهم أنه لا شك أن تلك الآلهة التي يدعونه إلى عبادتها ليس بيدها أي شيء من


(١) سؤال: وكيف نحمل قوله تعالى: {يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} مع أنها جملة حالية في أقوى الاحتمالين؟

الجواب: يحتمل أنه كان يكتم إيمانه في أول الأمر ثم جهر به أخيراً حين رأى إصرار فرعون على قتل موسى، ويمكن أنه كان يكتم طاعة موسى ويظهر طاعة فرعون وإبداء الرأي لا يكون إظهاراً للإيمان بموسى إلا إذا خرج من تحت طاعة فرعون إلى طاعة موسى وهو لم يخرج؛ لذلك تراه عند نصيحته لآل فرعون يتبين فيها أنه واحد منهم غير خارج عنهم.

(٢) سؤال: من فضلكم فصلوا القول في معنى «لا جرم» وإعرابها؟ مع إعراب: {أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ

الجواب: «لا» حرف نفي وهي لنفي الكلام السابق ورده، «جرم» بمعنى: حَقَّ. «أنما تدعونني ..» أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل حق، وهذا من وجهة نظرٍ بَصْرِيَّةٍ، أو تكون «لا جرم» كلها بمعنى حق.

(٣) سؤال: ما زلنا غير فاهمين لهذه الدعوة التي نفاها عن الأصنام فما هي؟

الجواب: الدعوة التي نفاها أنها لا تدعو أحداً إلى عبادتها لكونها جماداً لا يعقل ولا يتكلم.