سورة غافر
  أمور الدنيا ولا من أمور الآخرة، ولا تملك أي صفة من صفات الإلهية.
  {وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ٤٣} ولا شك أنه لا بد أن يكون هناك حياة غير هذه الحياة، وأن الله تعالى سوف يبعث الناس جميعاً ثم يحاسبهم ويجازيهم، وإلا فما الفائدة في خلقهم على هذه الدنيا.
  {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ(١) ٤٤ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ٤٥} وأخبرهم بأنه سيأتي اليوم الذي سيتذكرون فيه نصائحه ومواعظه لهم، ولكن ذلك سيكون في وقت لا ينفعهم فيه الندم والرجوع.
  وأخبرهم بأنه قد فوض أمره إلى الله سبحانه وتعالى، وأسند ظهره إليه فهو الذي يحمي عباده، ويدافع عن المؤمنين به المتوكلين عليه.
  ثم أخبر الله تعالى أنه قد نجّى نبيه موسى #(٢) من مكائد آل فرعون، ومما
(١) سؤال: ما وجه ختمه لنصائحه بهذه الآية: {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ...} إلخ؟ وهل ينبغي للمرشدين الاقتداء به؟
الجواب: الوجه هو ما فيها من زيادة التحذير لهم والتنبيه إلى أنه قاطع بصحة ما حذرهم منه في نصيحته وأنه واقع بهم إن لم يأخذوا حذرهم قبل وقوعه، وبالنسبة للاقتداء في مثل هذا فإذا كان المقام يقتضي مثل هذا كأن يكون المخاطبون مكذبين بما حذرهم الناصح منه أو مترددين في صحته فيحسن مثل ذلك الكلام.
(٢) سؤال: هل يصح أن يعاد الضمير في «وقاه» إلى مؤمن آل فرعون أم لا؟
الجواب: الأقرب أنه لموسى # لأنه الذي شاور فرعون ملأه في قتله فصمم أخيراً على قتله: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى}[غافر: ٢٦]، ثم قال: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ٢٩} عند ذلك حاول مؤمن آل فرعون أن يردهم عن هذا الرأي فسرد عليهم تلك النصائح التي فصلها الله تعالى هنا ثم في آخر ذلك قال تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} فبهذا تبين أن موسى # هو المراد دون مؤمن آل فرعون فلم يسبق فيما تقدم ذكر المؤامرة على قتله.