محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة غافر

صفحة 26 - الجزء 4

  دبروه من قتله والتخلص منه، ورد كيدهم في نحورهم، وأهلكهم ودمرهم جميعاً بالغرق في البحر.

  {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا(⁣١)} وهذا هو عذاب الروح⁣(⁣٢)، وذلك بعد أن يموت الكافر، وقبل أن يبعثه الله سبحانه وتعالى يوم القيامة فإن روحه ستعرض على النار في كل وقت، فيحصل له مثل ما يحصل للنائم⁣(⁣٣) من الأهوال والأفزاع في منامه غير أن عذاب روح الميت أبلغ من عذاب روح النائم.

  فأخبر الله سبحانه وتعالى أن آل فرعون على هذه الحال يعرضهم الله سبحانه وتعالى على نار جهنم، ويريهم مقاعدهم التي سيصيرون إليها ويعذبون فيها يوم القيامة ويطلعهم على ما أعد لهم فيها من ألوان العذاب⁣(⁣٤).


(١) سؤال: ما إعراب «النار»؟ وما محل جملة: {غُدُوًّا وَعَشِيًّا

الجواب: «النار» بدل من سوء العذاب. «غدواً وعشياً» ظرف زمان ليعرضون.

(٢) سؤال: من أين دلت هذه الآية على عذاب القبر؟

الجواب: الدليل من قوله تعالى في آخر الآية: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ٤٦} فدل ذلك على أن عرضهم على النار هو قُبَيْلَ قيام الساعة وبعد مماتهم لأنهم لم يعرضوا عليها في حياتهم الدنيا.

(٣) سؤال: قد يقال: ما يحصل للنائم إنما هي رؤيا لا حقيقة لها، فيشبه أن يكون عذاب القبر لا حقيقة له؛ فكيف نجيب على ذلك؟

الجواب: القصد في التمثيل هو بيان نوع العذاب في القبر، وقد بيَّنَّا في التفسير أنه أبلغ منه، أي: أنه أشد وأعظم، فرؤية الميت لنار جهنم وسماعه أصوات سعيرها وهي تتفجر ونظره تطاير شررها التي كالقصور وكالجبال وتعقله لما يقال له: انظر إلى مقعدك في هذه النار، فرؤية هذا ليس كرؤية النائم لثعبان أو عقارب أو لجمل مقبل عليه، فشتان ما بين الرؤيتين.

(٤) سؤال: وهل يصح أيضاً أن تحمل الآية على تعذيبهم بالنار في هذه الحالة استدلالاً بما تقوله العرب: «عرضتهم على السيف» إذا قتلتهم به فيكون المعنى: يعذبون بها وفيها أم لا ترون ذلك مناسباً؟

=