سورة غافر
  بَلَى قَالُوا فَادْعُوا(١) وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ٥٠} نزعت الرحمة من قلوبهم، وصاروا يتلذذون بتعذيبهم، وحين يسألهم أهل النار ذلك السؤال يجيبونهم بهذا الرد، فلا يجدون بداً من الإقرار والاعتراف بأن ما صاروا فيه من العذاب إنما هو بذنوبهم، وستقنعهم الملائكة أيضاً بأنهم مهما حاولوا وتوسلوا فلن ينفعهم ذلك عند الله سبحانه وتعالى شيئاً.
  {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ٥١} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى أنه مع أنبيائه والمؤمنين بنصره وتأييده في الدنيا والآخرة، وذلك بما يرون من انتقامه لهم من أعدائهم في الدنيا(٢)، ثم ما يرونه من سوقهم إلى نار جهنم وتعذيبهم يوم القيامة.
  {يَوْمَ(٣) لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ٥٢} أراد الله
(١) سؤال: ما مراد الملائكة بقولهم لهؤلاء: «فادعوا»؟
الجواب: أرادوا الاستهزاء بهم والإقناط لهم.
(٢) سؤال: قد يسلم أعداء المؤمنين من الانتقام في الدنيا فيتشكك بعض المؤمنين أو الضعاف منهم في مثل هذه الآية فكيف توجهونهم في ذلك؟
الجواب: قد تقدم الجواب عن مثل هذا السؤال، وذلك ما حاصله: أن الابتلاء بالأعداء وقوتهم وظلمهم فتنة واختبار للمؤمنين، {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ..}[محمد: ٤]، فمن نظر وتدبر فيما لقي رسول الله ÷ والمؤمنون من الأذى والمضايقات سنين طويلة وما أصابهم من القتل والجرح ثم ما لقي علي # وأهل بيته من ذلك لم يحصل له شك بعدم النصر، فقد يكون النصر بانتشار الدين والعقيدة رغم المضايقات {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ٩}[الصف]، وقد يكون بظهور الحجة وقهرها للمعاندين وهي من أسباب التهيئة للتمكين والرفعة بل أهمها كما قال سبحانه: {فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[التوبة: ٤٠]، مع أن إخراجه في ظاهر الأمر قهر وإذلال من قبل أعدائه، وهكذا.
(٣) سؤال: من فضلكم ما إعراب: «يوم لا ينفع»؟ وعلام عطفت جملة «لهم اللعنة»؟
الجواب: «يوم لا ينفع» بدل من «يوم يقوم الأشهاد». «ولهم اللعنة» معطوفة على «لا ينفع الظالمين معذرتهم».