سورة غافر
  {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ(١) إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} ثم خاطب الله تعالى نبيه ÷ وأخبره أن هؤلاء الذين يجادلونه من قومه في آيات الله تعالى، ويشككون فيها عن غير دليل أو حجة لا يطلبون الحق ولا يريدونه، وإنما ذلك كبر منهم وتعالٍ على الحق وأهله، مؤملين بذلك أن يبطلوا الدين ويدمروا الإسلام وأهله، ولكنهم لن يصلوا إلى ذلك الأمل، ولن يبلغوا نتائج كبرهم وتعاظمهم ولا بد أن يهلكهم الله سبحانه وتعالى، ويذل كبرهم، ويقطع رجاءهم وآمالهم، وستكون العاقبة والغلبة في الأخير للنبي ÷ والمؤمنين.
  {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ٥٦} وأرشده الله تعالى إلى أن يستعين به ويستجير من شرهم ومكرهم وأذاهم وسينجيه منهم وينصره عليهم، فهو دائماً معه بحفظه وتأييده أينما ذهب.
  {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ٥٧}(٢) غير أن أكثر الناس لا ينظرون في آيات الله سبحانه وتعالى، ولا يتفكرون في عجائب خلقه وآثار قدرته في السماوات والأرض.
  {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} ثم ضرب الله سبحانه وتعالى هذا المثل ليعرف عباده الفرق بين أهل الحق والباطل، فأخبر أنه لا يستوي من هو أعمى لا يبصر الطريق ولا يهتدي إليها هو وذلك البصير الذي يرى طريقه ويسير فيها،
(١) سؤال: ما معنى الباء في قوله: «بغير سلطان»؟ وما محل جملة: «أتاهم»؟
الجواب: الباء للاستعانة، أتاهم: في محل جر صفة لـ «سلطان».
(٢) سؤال: ما إعراب {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ}؟ وما النكتة في الإخبار عنهم بأنهم لا يعلمون؟
الجواب: اللام لام الابتداء وتفيد التأكيد، وخلق مبتدأ والسماوات مضاف إليه. «أكبر» خبر المبتدأ. وكون خلقهما أكبر وأعظم من خلق الناس لا يعلمه منكرو البعث ولو علموه لآمنوا بالبعث لأن من قدر على خلق الأكبر قدر على خلق الأدنى.